رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأرسل عليّ بن أبي طالب، فوجده عليّ على نخلة، فلما رأى السيف وقع في نفسه، فألقى الكساء الذي كان عليه، وتكشّف، فإذا هو مجبوب، فرجع عليّ إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبره، فقال: يا رسول اللَّه أرأيت إذا أَمرت أحدنا بالأمر، ثم رأى في غير ذلك، أيراجعك؟ قال:"نعم"، فأخبره بما رأى من القبطيّ، قال: وولدت مارية إبراهيم، فجاء جبريل -عَلَيْهِ السَّلَام- إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: السلام عليك يا أبا إبراهيم، فاطمأنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وإلى ذلك (١).
(كَانَ يُتَّهَمُ) بالبناء للمفعول، أي: يُظنّ بأنه يزني (بِأُم وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) هي مارية القبطيّة -رضي اللَّه عنها-.
قال في "الإصابة": مارية القبطية أم ولد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ذكر ابن سعد من طريق عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قال: بعث المقوقس صاحب الإسكندرية إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سنة سبع من الهجرة بمارية، وأختها سيرين، وألف مثقال ذهبًا، وعشرين ثوبًا لينًا، وبغلته الدُّلْدُل، وحماره عُفيرًا، ويقال: يعفور، ومع ذلك خصيّ يقال له: مأبور شيخ كبير كان أخا مارية، وبعث بذلك كله مع حاطب بن أبي بلتعة، فعَرَض حاطب بن أبي بلتعة على مارية الإسلام، ورغّبها فيه، فأسلمت، وأسلمت أختها، وأقام الخصيّ على دينه، حتى أسلم بالمدينة بعدُ في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكانت مارية بيضاء جميلة، فأنزلها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في العالية في المال الذي صار يقال له: سرية أم إبراهيم، وكان يَختلف إليها هناك، وكان يطؤها بملك اليمين، وضرب عليها مع ذلك الحجاب، فحَملت منه، ووضعت هناك في ذي الحجة سنة ثمان.
ومن طريق عمرة، عن عائشة قالت: ما عَزّت عليّ امرأة إلا دون ما عزّت عليّ مارية، وذلك أنها كانت جميلة جَعْدةَ، فأُعجب بها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيت لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فزعنا لها، فجَزِعت، فحوّلها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشدّ علينا.
(١) "الطبقات الكبرى" لابن سعد ٨/ ٢١٤، وفي سنده الواقديّ متكلّم فيه.