للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

عن أبي إِسْحَاقَ، عمرو بن عبد اللَّه السَّبِيعيّ؛ (أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمْ) -رضي اللَّه عنه- (يَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي سَفَرٍ)، وفي رواية البخاريّ: "كنت في غَزَاة"، قال في "الفتح": قوله: "كنت في غَزاة"، زاد بعد باب من وجها آخر عن إسرائيل: "مع عمّي"، وهذه الغَزَاة وقع في رواية محمد بن كعب، عن زيد بن أرقم، عند النسائيّ أنها غزوة تبوك، ويؤيده قوله في رواية زهير: "في سفر أصاب الناس فيه شدّة"، وأخرج عبد بن حميد بإسناد صحيح، عن سعيد بن جبير، مرسلًا: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا نزل منزلًا، لم يرتحل منه حتى يصلي فيه، فلما كان غزوة تبوك نزل منزلًا، فقال عبد اللَّه بن أُبَيّ. . . "، فذكر القصة، والذي عليه أهل المغازي أنها غزوة بني المصطلِق، قال: وفي حديث، جابر ما يؤيده، وعند ابن عائذ، وأخرجه الحاكم في "الإكليل" من طريقه، ثم من طريق أبي الأسود، عن عروة، أن القول الآتي ذِكره صَدَر من عبد اللَّه بن أُبَيّ بعد أن قفلوا. انتهى (١).

(أَصَابَ النَّاسَ فِيهِ)؛ أي: في ذلك السفر (شِدَّةٌ)؛ أي: من مجاعة وغيرها، (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ) رأس المنافقين (لأَصْحَابِهِ) المنافقين: (لَا) ناهية، (تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-)؛ يعني: فقراء المهاجرين، (حَتَّى يَنْفضُّوا مِنْ حَوْلِهِ)؛ أي: حتى يتفرّقوا عنه، قرأ الجمهور: {يَنْفَضُّوا} من الانفضاض، وهو التفرّق، وقرأ الفضل بن عيسى الرقاشي: "يُنفضوا" من أنفض القوم: إذا فنيت أزوادهم، يقال: نفض الرجل وعاءه من الزاد، فانفضّ (٢).

فردّ اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على هؤلاء أعنف ردّ، وأخبر بسَعة مُلكه، فقال: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [المنافقون: ٧]؛ أي: إنه هو الرزاق لهؤلاء المهاجرين؛ لأن خزائن الرزق له، فيعطي من شاء ما شاء، ويمنع من شاء ما شاء، {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} وذلك، ولا يعلمون أن خزائن الأرزاق بيد اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وأنه الباسط القابض المعطي المانع.


(١) "الفتح" ١٠/ ٧٠١، "كتاب التفسير" رقم (٤٩٠٠).
(٢) "فتح القدير" ٧/ ٢٢٧.