للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يد المتناول. انتهى (١).

وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأجبرته على كذا بالألف: حَمَلته عليه قهرًا وغلبةً، فهو مُجْبَرٌ، هذه لغة عامّة العرب، وفي لغة لبني تميم، وكثير من أهل الحجاز يَتَكَلَّم بها جَبَرْتُهُ جَبْرًا، من باب قتل، وجُبُورًا، حكاه الأزهريّ، ولفظه: وهي لغة معروفةٌ، ولفظ ابن القَطّاع: وجبرتك لغة بني تميم، وحكاها جماعة أيضًا، ثم قال الأزهريّ: فجبرته وأجبرته لغتان جيّدتان، وقال ابن دُريد في باب ما اتَّفَقَ عليه أبو زيد وأبو عبيدة، مما تكلّمت به العرب، من فَعَلْتُ وأفعلتُ: جبرتُ الرجلَ على الشيء، وأجبرته، وقال الخطابيّ: الجبّار الذي جبر خلقه على ما أراد من أمره ونهيه، يقال: جبره السلطان، وأجبره، بمعنًى، ورأيت في بعض التفاسير عند قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق: ٤٥] أن الثلاثيّ لغةٌ حكاها الفرّاءُ وغيره، واستشْهَد لصحّتها بما معناه: أنه لا يُبنى فَعّالٌ إلا من فِعْل ثلاثيّ، نحو الفتّاح، والعلّام، ولم يجئ من أفعل بالألف إلا دَرّاكٌ، فإن حُمل جَبّارٌ على هذا المعنى، فهو وجه، قال الفرّاء: وقد سمعتُ العرب تقول: جبرته على الأمر، وأجبرته، وإذا ثبت ذلك فلا يُعَوَّل على قول من ضعّفها. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما سبق أن "الْجَبّار" لغة فصيحة؛ لصحّة ثلاثيّها، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

(أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟)؛ أي: الذين كانوا يتسلّطون على العباد، ويتجبّرون عليهم في الدنيا ظلمًا وعدوانًا، (أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ثُمَّ يَطْوِي الأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ) فيه إثبات الشمال للَّه تعالى على ما يليق بجلاله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- (ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ") زاد في الرواية التالية: "حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ، يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ"؛ أي: من أسفله إلى أعلاه؛ لأن بحركة الأسفل يتحرك الأعلى، ويَحْتَمل أنّ تحركه بحركة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذه الإشارة، قاله النووي، وقال القاضي عياض: ويَحْتمل أن يكون بنفسه هيبةً لِسَمْعه، كما حَنّ الجذع، ثم قال: واللَّه أعلم بمراد نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما ورد في هذه الأحاديث من


(١) "النهاية" ١/ ٢٣٥.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٩٠.