مشكل، ونحن نؤمن باللَّه تعالى وصفاته، ولا نُشَبِّه شيئًا به، ولا نشبّهه بشيء {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١]، وما قاله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وثبت عنه فهو حقّ وصدقٌ، فما أدركنا علمه فبفضل اللَّه تعالى، وما خَفِي علينا آمنّا به، ووَكَلْنا علمه إليه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وحملنا لفظه على ما احتمل في لسان العرب الذي خوطبنا به، ولم نقطع على أحد معنييه بعد تنزيهه سبحانه وتعالى عن ظاهره الذي لا يليق به -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وباللَّه التوفيق. انتهى.
قال، الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ- وأحسنَ القول، خلاف عادته في أحاديث الصفات، وقد نقل هذا الكلام منه النوويّ، وأقرّه عليه، وهو أيضًا خلاف عادته، فإنه وإن ذكر مذهب السلف، إلا أنه يختار مذهب الخلف المؤولين، ويؤيّده، ومن الغريب أنه نقل قبل هذا عن المازريّ في شرح هذا الحديث، أن هذا الكلام استعارة، فقال: وأما إطلاق اليدين للَّه تعالى، فمتأول على القدرة إلى آخر كلامه، وارتضى هذا التأويل السخيف، فهذا تناقضٌ عجيب.
والحقّ كما بيّنا غير مرّة أن مذهب السلف هو الأعلم، والأحكم، والأسلم، فلا ينبغي العدول عنه.
ولقد أجاد السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في حاشيته على ابن ماجه، حيث قال: والحقّ في هذا الحديث، وكذا في نظائره ما ذكره المحقّقون، قال البغويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح السُّنَّة": كلُّ ما جاء في الكتاب والسُّنَّة من هذا القبيل في صفاته تعالى؛ كالنفس، والوجه، والعين، والإصبع، واليد، والرجل، والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء، والاستواء على العرش، والضحك، والفرح، فهذه ونظائرها صفاتٌ للَّه -عَزَّ وَجَلَّ- وَرَدَ بها السمع، فيجب الإيمان بها، وإمرارُها على ظاهرها، مُعرضًا فيها عن التأويل، مُجتنبًا عن التشبيه، مُعتقدًا أن الباري -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لا يشبه شيءٌ من صفاته صفاتِ الخلق، كما لا تشبه ذاتُهُ ذواتِ الخلق، قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١].
وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماءُ السُّنَّة، تلقّوها جميعًا بالإيمان والقبول، وتجنّبوا فيها عن التمثيل والتأويل، ووكلوا العلم فيها إلى اللَّه تعالى،