للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولعل في أخذ يده إيماءٌ إلى تعداد أعداد الخمسة، مع قطع النظر عن خلق آدم -عَلَيْهِ السَّلامُ- بعد الجمعة، فإنه بمنزلة العلّة الغائبّة، والفذلكة الإيمائية. انتهى (١).

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("خَلَقَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- التُّرْبَةَ)؛ يعني: الأرض والتُّرْب، والتراب، والتُّرْبة واحد، لكنهم يُطلقون التربة على التأنيث، ذكره ابن الأثير.

[تنبيه]: قد وردت للتراب لغات، قد نظمتها بقولي:

اعْلَمْ بِأَنَّ لِلتُّرَابِ سُمِعَا … مِنَ اللُّغَاتِ مَا يَلِي فَانْتَفِعَا

تُرَابٌ التُّرْبَةُ وَالتَّرْبَاءُ جَا … وَتَيْرَبٌ وَتُرَبَاءُ أُدْرِجَا

وَتَوْرَبٌ وَتَيْرَبٌ تَيْرَابُ … كَذَا تَرِيبٌ مَعَهُ تَوْرَابُ

ويُجْمَعُ التُّرَابُ بِالأَتْرِبَةِ … كَذَا بِترْبَانٍ بِغَيْرِ مِرْيَةِ

وَمِنْ لُغَاتِهِ الرَّغَامُ إِثْلِبُ … وَأَثْلَبٌ كَسْرًا وَفَتْحًا يَصْحَبُ (٢)

وَكِثْكِثٌ بِالْكَسْرِ وَافْتَحْ دِقْعَمُ … بِالْكَسْرِ وَالدَّقْعَاءُ فَتْحًا يُعْلَمُ

وَهْوَ الْبَرَا مِثْلُ الْعَصَا وَكِلْخِمُ … وَكِمْلِخٌ بِالْكَسْرِ أَيْضًا يُفْهَمُ

وَعِثْيْرٌ بِالْكَسْرِ قَدْ نَظَمْتُهَا … أَخْذًا مِنَ "الْقَامُوسِ" قَدْ حَرَّرْتُهَا

كَذَا مِنَ التَّهْذِيبِ لِلأَسْمَاءِ … لِلنَّوَوِيِّ فَاعْنَ بِالْهَنَاءِ

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- ما حاصله: هذا الحديث مفصّل لِمَا أجمله قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: ١] والتربة: التراب؛ أي: الأرض، وكأنه خلق التراب يوم السبت غير مُنعَقِد، ولا متجمّد، ثم يوم الأحد جمّده، وجعل منه الجبال أرسى بها الأرض، وكمل خلق الأرض بجبالها في يومين. انتهى (٣).

(يَوْمَ السَّبْتِ) قال القاريّ -رَحِمَهُ اللهُ-: كأن المراد بيوم السبت آخر يومه المسمى بعشية الأحد، فلها حكمه، فلا ينافي قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨)} [ق: ٣٨]. انتهى (٤).


(١) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٦/ ٣٩٤.
(٢) أي: كسر همزته ولامه، وفتحهما.
(٣) "المفهم" ٧/ ٣٤٢.
(٤) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٦/ ٣٩٤.