كتاب البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج

(٥٣) - (كتاب ذكر المنافقين، والقيامة، والجنة، والنار، وغير ذلك من الأمور) - (٤) - (باب في البعث، والنشور، وصفة الأرض يوم القيامة) - ج: 43 - ص: 346

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٤/ ٧٠٢٩] (٢٧٩٠)، و (البخاريّ) في "الرقاق" (٦٥٢١)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (٥٨٣١ و ٥٩٠٨)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (١٣/ ٥٤٣)، و (الرويانيّ) في "مسنده" (٢/ ٢١٧)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٧٣٢٠)، و (البيهقيّ) في "شُعب الإيمان" (١/ ٣١٧)،. و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (٤٣٠٥)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): أن فيه دليلًا على عظيم القدرة، والإعلام بجزئيات يوم القيامة؛ ليكون السامع على بصيرة، فيُخَلّص نفسه من ذلك الهول؛ لأن في معرفة جزئيات الشيء قبل وقوعه رياضةَ النفس، وحَمْلها على ما فيه خلاصها، بخلاف مجيء الأمر بغتةً.

٢ - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى أن أرض الموقف أكبر من هذه الأرض الموجودة جدًّا.

٣ - (ومنها): أن الحكمة في صفة الأرض المذكورة أن ذلك اليوم يوم عدل، وظهور حقّ، فاقتضت الحكمة أن يكون المحل الذي يقع فيه ذلك طاهرًا عن عمل المعصية والظلم، وليكون تجليه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على عباده المؤمنين على أرض تليق بعظمته، ولأن الحكم فيه إنما يكون لله وحده، فناسب أن يكون المحل خالصًا له وحده، قاله ابن أبي جمرة -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

٤ - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى أن أرض الدنيا اضمحلّت، وأُعدمت، وأن أرض الموقف تجددت (٢)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في معنى قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: ٤٨]:

(اعلم): أنه قد وقع للسلف في ذلك خلاف في المراد بهذه الآية، هل معنى تبديلها: تغيير ذاتها وصفاتها، أو تغيير صفاتها فقط؟ وحديث الباب يؤيد

---

(١) "بهجة النفوس" ٤/ ٢١٣ - ٢١٤.
(٢) "الفتح" ١٥/ ١٧، "كتاب الرقاق" رقم (٦٥٢١).