للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يجعلها في الْمَلَّة (١)، ويتكفأها بيديه؛ أي: يُميلها من يد إلى يد، حتى تجتمع، وتستوي؛ لأنها ليست منبسطة؛ كالرُّقَاقة، ونحوها، قال: ومعنى الحديث أن الله تعالى يجعل الأرض كالطُّلمة (٢)، والرَّغيف العظيم، ويكون ذلك طعامًا نُزُلًا لأهل الجنة، والله على كل شيء قدير. انتهى (٣).

(فِي السَّفَرِ) قال الخطابيّ: يعني: خُبز الْمَلّة الذي يصنعه المسافر، فإنها لا تُدْحَى كما تُدْحَى الرُّقَاقَةُ (٤)، وإنما تُقلب، على الأيدي حتى تستوي، وهذا على أن السَّفَر بفتح السين المهملة، والفاء، ورواه بعضهم بضم أوله، جمع سُفْرة، وهو الطعام الذي يُتخذ للمسافر، ومنه سُمِّيت السُّفْرة.

(نُزُلًا لأَهْلِ الْجَنَّةِ") "النُّزُل" بضم النون، وبالزاي، وقد تسكن: ما يُقَدَّم للضيف، وللعسكر، يُطلق على الرزق، وعلى الفضل، ويقال: أصلح للقوم نُزُلهم؛ أي: ما يَصلُح أن ينزلوا عليه، من الغذاء، وعلى ما يُعَجَّل للضيف قبل الطعام، وهو اللائق هنا.

قال الداوديّ: المراد أنه يأكل منها من سيصير إلى الجنة، من أهل المحشر، لا أنهم لا يأكلونها حتى يدخلوا الجنة.

وتعقّبه الحافظ بأن ظاهر الخبر يخالفه، وكأنه بنى على ما أخرجه الطبريّ عن سعيد بن جبير، قال: تكون الأرض خبزة بيضاء، يأكل المؤمن من تحت قدميه، ومن طريق أبي معشر، عن محمد بن كعب، أو محمد بن قيس، نحوه، وللبيهقيّ بسند ضعيف، عن عكرمة: تُبدَّل الأرض مثل الخبزة، يأكل منها أهل الإسلام، حتى يفرغوا من الحساب، وعن أبي جعفر الباقر نحوه.

ونقل الطيبيّ عن البيضاويّ أن هذا الحديث مشكل جدًّا، لا من جهة إنكار صنع الله، وقدرته على ما يشاء، بل لعدم التوقيف على قلب جرم الأرض من الطبع الذي عليه إلى طبع المطعوم، والمأكول، مع ما ثبت في الآثار أن


(١) "المَلّة" بالفتح: قيل: الْحُفرة التي تحفر للخبز، وقيل: التراب الحارّ، والرماد. اهـ. "المصباح" ٢/ ٥٨.
(٢) "الطُّلْمة" بضمّ الطاء المهملة: الخبزة. اهـ. "ق".
(٣) "شرح والنوويّ" ١٧/ ١٣٥.
(٤) "الرُّقاق": كغُراب: الخبز الرقيق، الواحدة رُقاقة، قاله في "القاموس".