وقوله: (إِلَى آخِرِ الآيَةِ)؛ أي: اقرأ إلى نهاية الآية، وهو قوله تعالى: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنفال: ٣٤].
فقوله: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ} جملة في محل نصب على أنها حال من فاعل {يَصُدُّونَ} وهذا كالردّ لِمَا كانوا يقولونه من أنهم وُلاة البيت، وأن أمره مفوّض إليهم، ثم قال تعالى مبيّنًا لمن له ذلك: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ}؛ أي: ما أولياؤه إلا من كان في عداد المتقين للشوك والمعاصي، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنفال: ٣٤] ذلك، والحكم على الأكثرين بالجهل يفيد أن الأقلين يعلمون، ولكنهم يعاندون، والله تعالى أعلم (١).
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٨/ ٧٠٣٨] (٢٧٩٦)، و (البخاريّ) في "التفسير" (٤٦٤٨ و ٤٦٤٩)، و (الترمذيّ) في "التفسير"، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان سبب نزول الآية الكريمة.
٢ - (ومنها): بيان ما كان عليه المشركون من العناد والتمرّد على الإسلام.
٣ - (ومنها): بيان كونه -صلى الله عليه وسلم- رحمة للأمة حيث يدفع الله عنهم العذاب بوجوده مع استحقاقهم له، وهذا مصداق قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧]، فكان رحمة للكفار في تأخير عذاب الاستئصال عنهم، وأما كونه رحمة للمؤمنين ففي الدنيا والآخرة.
٤ - (ومنها): أن الاستغفار سبب في دفع عقوبة الدنيا حتى من الكفّار، فقد أخَّر الله عن المشركين العذاب مع كفرهم، حيث استغفروه، فكيف بالمؤمنين، ففيه بيان عظم الاستغفار، والله تعالى أعلم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(١) "فتح القدير" للشوكانيّ ٣/ ١٧٦.