للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(لِيَطَأَ)؛ أي: ليضع رجله الخبيث، واللام مكسورة، وقال ابن الملك: وفي نسخة (١) بفتح اللام، على أنه لام تأكيد، قال القاري: فالفعل مرفوع حينئذ (٢). (عَلَى رَقَبَتِهِ) الشريفة -صلى الله عليه وسلم-، (قَالَ) أبو هريرة: (فَمَا فَجِئَهُمْ) بكسر الجيم، وتُفتح، ففي "القاموس": فجئه، كسَمِع، ومَنَع: هَجَم عليه، وأتاه بغتة؛ أي: فما أتى قومه فجاءة، (مِنْهُ)؛ أي: من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أو من إتيانه إليه، (إِلَّا) والحال (وَهُوَ)؛ أي: أبو جهل (يَنْكِصُ) بكسر الكاف، وتُضمّ، أي: يرجع، وفي "القاموس": نَكَص على عقبيه نُكُوصًا: رجع عما كان عليه من خير، خاصّ بالرجوع عن الخير، ووَهِم الجوهريّ في إطلاقه، أو في الشرّ نادر.

قال القاري: الحديث يدلّ على استعماله في الشرّ، وكذا آية: {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ} [الأنفال: ٤٨]، ثم صنيع "القاموس" يُشعر أنه بضم الكاف في المضارع، لكن اتّفق القراء على كسره، حتى لم يوجد في الشواذّ أيضًا، نعم قال الزجاج: يجوز ضم الكاف، ذكره الكرماني في قوله تعالى: {عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ} [المؤمنون: ٦٦]. انتهى (٣).

(عَلَى عَقِبَيْهِ)؛ أي: قهقرى، (وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ)؛ أي: يَحْذَر بهما، ويدفع شيئًا بسببهما.

قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: المستثنى فاعل "فَجِئ"؛ أي: فما فَجِئ أصحابَ أبي جهل من أمر أبي جهل، إلا نكوص عقبيه، وقد سدّ الحال هنا مسدّ الفاعل، كما سدّت مسدّ الخبر في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أقرب ما يكون العبد من ربّه، وهو ساجدٌ"، وفيه إرخاء عنان الكلام للمعنى، لا لِلّفظ، ويَحْتَمِل أن يكون الضمير المستتر في "فجئهم" لأبي جهل، والمجرور في "منه" للأمر؛ أي: فما فَجِئ أبو جهل أصحابَهُ من الأحوال إلا هذه الحالة. انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله عنه: عبارة المرتضى -رَحِمَهُ اللهُ- في "التاج": نَكَصَ عن الأَمْرِ يَنْكُصُ نَكْصًا، بالفَتْح، ونُكُوصًا بالضَّمّ، ومُنْكَصًا؛ كمَطْلَبٍ: تَكَأْكأَ عَنْه،


(١) أي: من "المشكاة".
(٢) "مرقاة المفاتيح" ١٠/ ١٣١.
(٣) "مرقاة المفاتيح" ١٠/ ١٣١.
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٢/ ٣٧٣٢.