للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووقع عند البيهقيّ في "الدلائل" عن ابن عيينة، ومحمد بن مسلم الطائفيّ جميعًا عن ابن أبي نجيح بلفظ: "رأيت القمر منشقًّا شقتين: شقة على أبي قبيس، وشقة على السُّويداء"، والسُّويداء بالمهملة، والتصغير ناحية خارج مكة، عندها جبل، وقول ابن مسعود: "على أبي قُبيس" يَحْتَمِل أن يكون رآه كذلك، وهو بمنى، كأن يكون على مكان مرتفع، بحيث رأى طرف جبل أبي قبيس، ويَحْتَمِل أن يكون القمر استمرّ منشقًّا، حتى رجع ابن مسعود من منى إلى مكة، فرآه كذلك، وفيه بُعْدٌ.

والذي يقتضيه غالب الروايات أن الانشقاق كان قرب غروبه، ويؤيد ذلك إسنادهم الرؤية إلى جهة الجبل، ويَحْتَمِل أن يكون الانشقاق وقع أول طلوعه، فإن في بعض الروايات أن ذلك كان ليلة البدر، أو التعبير بأبي قبيس من تغيير بعض الرواة؛ لأن الغرض ثبوت رؤيته منشقًّا إحدى الشقتين على جبل، والأخرى على جبل آخر، ولا يغاير ذلك قول الراوي الآخر: رأيت الجبل بينهما؛ أي: بين الفرقتين؛ لأنه إذا ذهبت فرقة عن يمين الجبل، وفرقة عن يساره مثلًا صدق أنه بينهما، وأي جبل آخر كان من جهة يمينه، أو يساره صدق أنها عليه أيضًا. انتهى (١).

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) للصحابة الحاضرين للواقعة: ("اشْهَدُوا" أي: اضبطوا هذا القدر بالمشاهدة، وفي الرواية الثالثة: "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اللَّهُمَّ اشهد"، وفي حديث ابن عمر الآتي: "اشهدوا، اشهدوا" مرّتين، وعند ابن مردويه من رواية ابن جريج، عن مجاهد، بلفظ آخر، وهو قوله: "انشقّ القمر، قال الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)} [القمر: ١]، يقول: كما شققت القمر كذلك أقيم الساعة"، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "الفتح" ٨/ ٥٩٩ - ٦٠٠.