للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المشهور، أمّره عمر، ثم عثمان -رضي الله عنهم-، وهو أحد الْحَكَمين بصِفِّين، مات سنة خمسين، وقيل: بعدها (ع) تقدم في "الإيمان" ١٦/ ١٧١.

والباقون ذُكروا في الباب الماضي، و"أبو معاوية" هو: محمد بن خازم الضرير.

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنه من سُداسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-، وأنه مسلسل بالكوفيين، وفيه ثلاثة من التابعين الكوفيين روى بعضهم عن بعض: الأعمش، عن سعيد، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، وأن صحابيّه من مشاهير الصحابة -رضي الله عنهم-، ذو مناقب جمّة، قد أشرنا إلى بعضها فيما مضى.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي مُوسَى) الأشعريّ -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا أَحَدَ أَصْيَرُ) أفعلُ تفضيل، قيل: الصبر حبس النفس على المكروه، والله تعالى منزه عنه، وأجيب بأن المراد: لازمه، وهو ترك المعاجلة بالعقوبة، قاله في "العمدة" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ أن الصبر صفة من صفات الله -عَزَّ وَجَلَّ- وردت في نصوص الكتاب السُّنَّة، فلا تفسّر بلازمها، وإنما نثبتها على معناها الحقيقيّ، دون المجازيّ على ما يليق بجلاله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، ولا يلزم من إثباتها على الوجه اللائق به -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- محذور؛ إذ تفسيرها بحبس النفس على المكروه هو معناها بالنسبة للمخلوق، وأما بالنسبة للخالق، فلها معنى يليق بجلاله، فتنبّه، ولا تكن أسير التقليد، فإنه حجة البليد، وعمدة العنيد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

فقوله: "لا أحد أصبر" "لا" هي النافية للجنس العاملة عمل "إن"، و"أحد" اسمها مبنيّ على الفتح، و"أصبرُ" مرفوع على أنه خبرها، ويَحْتَمل أن تكون عاملة عمل "ليس"، فـ "أحدٌ" مرفوع على أنه اسمها، و"أصبرَ" منصوب على أنه خبرها.

(عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ) وفي نسخة: "سمعه"، و"الأذى" بمعنى المؤذي، وهو المؤلم ظاهرًا أو باطنًا، وقال في "العمدة": قيل: إنه منزه عن الأذى، وأجيب بأن المراد به أذى يلحق أنبياءه؛ إذ في إثبات الولد إيذاء للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه تكذيب له، وإنكار لمقالته. انتهى، وقد عرفت ما فيه، فتنبّه، وبالله تعالى التوفيق.


(١) "عمدة القاري" ٢٥/ ٨٥.