للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا").

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى) بن دينار الْعَوْذيّ، أبو عبد الله، أو أبو بكر البصريّ، ثقةٌ [٧] (ت ٤ أو ١٦٥) (ع) تقدم في "المقدمة" ٦/ ٧٠.

والباقون ذُكروا في الباب الماضي، وقبله ببابين.

شرح الحديث:

(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً)؛ يعني: أنه لا ينقصه، ولا يمنعه ثوابها في الدار الآخرة والأولى (١).

وقال النووي: معناه: لا يترك مجازاته بشيء من حسناته، والظلم يُطلق بمعنى النقص، وحقيقة الظلم مستحيلة من الله تعالى، كما سبق بيانه، ومعنى "أفضى إلى الآخرة": صار إليها، وأما إذا فعل الكافر مثل هذه الحسنات، ثم أسلم، فإنه يثاب عليها في الآخرة، على المذهب الصحيح، وقد سبقت المسألة في "كتاب الإيمان". انتهى (٢).

وقال القاري: قال بعض الشرّاح: "إن الله لا يظلم مؤمنًا"؛ أي: لا يُضيع أجر حسنة المؤمن، ولا يخفى أنه حاصل المعنى، وأما بحسب التركيب والمعنى، فالظلم يتعدى إلى مفعولين، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} [يونس: ٤٤]، وفي "القاموس": ظلمه حقّه؛ أي: منعه إياه، فالحديث تفسير لِمَا في القرآن، وتبيين لِمَا فيه من نوعي جنس الإنسان، وبيان أن الله يجازي عباده المؤمن والكافر على النقير، والقطمير، والقليل، والكثير، من الخير والشرّ، إما في الدنيا، وإما في العقبى، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ


(١) "المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٣/ ٨٦.
(٢) "شرح النوويّ" ١٧/ ١٤٩ - ١٥٠.