للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٨]، وقال -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)} [النساء: ٤٠]، ولذا قال عمر -رضي الله عنه-: "لو كانت لي حسنة واحدة لكفتني" بناءً على المضاعفة المذكورة، والمثوبة العظيمة المسطورة. انتهى (١).

(يُعْطَى) بالبناء للمفعول، (بِهَا)؛ أي: بسبب تلك الحسنة (فِي الدُّنْيَا)؛ أي: بحسنات الدنيا، من الأهل، والأموال، وغير ذلك.

وقال القاري: قوله: "يُعطى" بصيغة المجهول، استئناف بيانيّ؛ أي: يعطى المؤمن كل خير "بها"؛ أي: بسبب تلك الحسنة "في الدنيا" من رفع البلاء، وتوسعة الرزق، وغير ذلك من النَّعماء، وفي نسخة بصيغة الفاعل؛ أي: يعطي الله إياه بتلك الحسنة أجرًا في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة على بناء المفعول، أو الفاعل طبق ما قبله. انتهى (٢).

(وَيُجْزَى) بالبناء للمفعول أيضًا، (بِهَا فِي الآخِرَةِ) بأحسن ما عمله، كما قال -عَزَّ وَجَلَّ-: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} [الأحقاف: ١٦]. (وَأمّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ) ببناء الفعل للمفعول، قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "فيُطعم بِحَسَنَاتِ" هكذا رواه الجماعة، ورواه ابن ماهان: "فيعطى بحساب"، وكلاهما صحيح المعنى، وتسمية ما يصدر عن الكافر حسنة إنما كان بحسب ظنّ الكافر، وإلا، فلا تصح منه قربة؛ لعدم شرطها الذي هو الإيمان، أو سميت حسنة؛ لأنها تُشبه صورة حسنة المؤمن ظاهرًا. ثمّ هل يعطى الكافر بحسناته في الدنيا، ولا بدّ بحكم هذا الوعد الصادق، أو ذلك مقيَّد بمشيئة الله المذكورة في قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسراء: ١٨]، وهذا هو الصحيح، وأمّا المؤمن، فلا بدّ له من الجزاء الأخرويّ، كما قد عُلم من الشريعة. انتهى (٣).

وقال القاري -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "وأما الكافر فيُطْعَم " بصيغة المجهول لا غير؛ أي: يعطى، وفي العدول إشارة إلى أن مطمح نظر الكافر في العطاء إنما هو


(١) "مرقاة المفاتيح" ٩/ ٩.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ٩/ ٩.
(٣) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٣/ ٨٦.