"مسنده"(١/ ٢٥٣)، و (ابن منده) في "الإيمان"(١٨٧ و ١٨٨ و ١٩٠)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(١٤٣)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): مشروعيّة امتحان العالم أذهان الطلبة بما يخفى، مع بيانه لهم إن لم يفهموه، وأما ما رواه أبو داود من حديث معاوية -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "أنه نَهَى عن الأغلوطات": قال الأوزاعيّ أحد رواته: هي صعاب المسائل، فإن ذلك محمول على ما لا نَفْع فيه، أو ما خرج على سبيل تعنّت المسؤول، أو تعجيزه.
٢ - (ومنها): التحريض على الفهم في العلم، وقد بوّب عليه البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "صحيحه" فقال: "باب الفهم في العلم".
٣ - (ومنها): أن فيه استحبابَ الحياء ما لم يؤدّ إلى تفويت مصلحة، ولهذا تمنى عمر -رضي الله عنه- أن يكون ابنه لم يسكت، وقد بوَّب عليه البخاريّ أيضًا في "العلم"، وفي "الأدب".
٤ - (ومنها): أن فيه دليلًا على بركة النخلة، وما تثمره، وقد بوَّب عليه البخاريّ أيضًا.
٥ - (ومنها): أن فيه دليلًا على أن بيع الْجُمّار جائز؛ لأن كل ما جاز أكله جاز بيعه، ولهذا بوّب عليه البخاريّ في "البيوع"، وتعقبه ابن بطال؛ لكونه من المجمَع عليه، وأجيب بأن ذلك لا يمنع من التنبيه عليه؛ لأنه أورده عقب حديث النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، فكأنه يقول: لعل متخيلًا يتخيل أن هذا من ذاك، وليس كذلك.
٦ - (ومنها): أن فيه دليلًا على جواز تجمير النخل، وقد بوَّب عليه البخاريّ في "الأطعمة"؛ لئلا يُظَنّ أن ذلك من باب إضاعة المال، وأورده في تفسير قوله تعالى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً}[إبراهيم: ٢٤] إشارةً منه إلى أن المراد بالشجرة: النخلة، وقد ورد صريحًا فيما رواه البزار من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكر هذه الآية، فقال:"أتدرون ما هي؟ " قال ابن عمر: لم يَخْفَ عليّ أنها النخلة، فمنعني أن أتكلم مكانُ سني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هي النخلة".