للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي "القاموس": جزيرة العرب ما أحاط به بحر الهند، وبحر الشام، ثم دجلة، والفرات، وما بين عدن أبين إلى أطراف الشام طولًا، ومن جُدّة إلى ريف العراق عرضًا. انتهى (١). وعلى هذا هي شبه الجزيرة، لا الجزيرة، فتسميتها بالجزيرة مجاز، قاله في "المرعاة" (٢).

وقال أيضًا: معنى الحديث: أن الشيطان قد أيس من أن يعود أحد من المؤمنين إلى عبادة الصنم، ويرتد إلى شِركه في جزيرة العرب، والمراد: الإخبار بأنه تعالى حفظ هذا المكان عن وقوع عبادة الصنم فيه، ولا يَرِدُ على ذلك ارتداد أصحاب مسيلمة، والعنسيّ، وغيرهما ممن ارتد بعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في العرب؛ لأنهم لم يعبدوا الصنم.

قال القاري: وفيه أن دعوة الشيطان عامة إلى أنواع الكفر غير مختص بعبادة الصنم، فالأَولى أن يقال: إن المراد: أن المصلّين لا يجمعون بين الصلاة وعبادة الشيطان، كما فعلته اليهود والنصارى. انتهى.

وقال التوربشتيّ في الجواب: إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يخبر عنهم أنهم لا يفعلون ذلك، وإنما أخبر عن اليأس الذي استشعر الشيطان عنهم أن يعودوا في طاعته لما رآى من كثرتهم وعزتهم واجتماعهم وقوتهم، لكنه وقع ذلك مع يأسه منه، فلا تضادّ بين هذا الحديث وبين القضية التي ذُكرت؛ يعني: أن قصده بسياق هذا الحديث هو الإخبار عن بلوغ أمر المسلمين ودولتهم حدًا أيس الشيطان أن يقع الارتداد بعده، وليس غرضه -صلى الله عليه وسلم- الإخبارَ من عدم وقوع الارتداد البتة.

قال صاحب "اللمعات": وفيه بُعْدٌ أيضًا؛ لأن الظاهر من يأسه هو عدم الوقوع، فهو كناية عنه، قال: ويمكن أن يقال: إن معنى الحديث: أن الشيطان أيس من أن يُستبدل دين الإسلام، وينهدم أساس الدين، ويظهر الإشراك ويستمرّ، ويسير الأمر كما كان من قبل، ولا ينافيه ارتداد من ارتد، بل لو عَبَد الأصنام أيضًا لم يضرّ في المقصود. انتهى (٣).


(١) "القاموس المحيط" ص ٢١٣.
(٢) "مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١/ ٣٨٣.
(٣) "مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١/ ٣٨٣.