للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لتوكيده، ومذهب المعتزلة أنها لتأييده، والمعاني الثلاثة كلها صحيحة هنا. انتهى (١).

(أَحَدًا) منصوب على المفعولية، (مِنْكُمْ) متعلّق بصفة "أحدًا"، وقوله: (عَمَلُهُ) بالرفع فاعل "ينجي"، وفي الرواية الآتية من طريق ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة: "ليس أحد منكم يُنجيه عمله"، ومن طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: "واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله"، وفي حديث جابر: "لا يُدخل أحدًا منكم عمله الجنة، ولا يجيره من النار"، وفي رواية أبي داود الطيالسيّ، عن ابن أبي ذئب: "ما منكم من أحد ينجيه عمله"، وأخرجه أبو نعيم من طريقه، وفي رواية للبخاريّ من طريق أبي عبيد، عن أبي هريرة: "لن يُدخل أحدًا عمله الجنة".

والمعنى: أن العمل لا ينجي صاحبه من النار، وإنما يُنجيه فضل الله تعالى ورحمته، فإن له تعالى أن يعذب الطائع، ويثيب العاصي، وأيضًا فالعمل وإن بلغ ما بلغ لا يخلو عن نوع من التقصير المقتضي لردّه، لولا تفضل الله بقبوله، وليس المراد توهين أمر العمل ونفيه، بل توقيف العباد على أن العمل إنما يتم بفضل الله وبرحمته؛ كيلا يتكلوا على أعمالهم اغترارًا بها، وقال زين العرب: يعني: أن النجاة والفوز بفضله تعالى ورحمته، والعمل فيها غير مؤثر فيهما إيجابًا، والخطاب للصحابة -رضي الله عنهم-، والمراد: معشر بني آدم، أو المكلفين تغليبًا. انتهى (٢).

(قَالَ رَجُلٌ) قال الحافظ: لم أقف على تعيين هذا القائل (٣). (وَلَا إِيَّاكَ)؛ أي: ولا ينجي العمل إياك (يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("وَلَا إِيَّايَ)؛ أي: ولا ينجي العمل إياي، قال الكرمانيّ: إذا كان كل الناس لا يدخلون الجنة إلا برحمة الله، فوجه تخصيص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالذكر أنه إذا كان مقطوعًا له بأنه يدخل الجنة، ثم لا يدخلها إلا برحمة الله فغيره يكون في ذلك بطريق أَولى،


(١) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ٨/ ٢٢٧.
(٢) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ٨/ ٢٢٧.
(٣) "الفتح" ١٤/ ٥٩٩.