محذوف، تقديره: أأترك تهجدي، فلا أكون عبدًا شكورًا، والمعنى أن المغفرة سبب لكون التهجد شكرًا، فكيف أتركه؟.
قال القرطبيّ -رحمه اللهُ-: ظنّ من سأله عن سبب تحمّله المشقّة في العبادة أنه إنما يعبد الله خوفًا من الذنوب، وطلبًا للمغفرة والرحمة، فمن تحقق أنه غُفر له لا يحتاج إلى ذلك، فأفادهم أن هناك طريقًا آخر للعبادة، وهو الشكر على المغفرة، وإيصال النعمة لمن لا يستحقّ عليه فيها شيئًا، فيتعيّن كثرة الشكر على ذلك، والشكر: الاعتراف بالنعمة، والقيام بالخدمة، فمن كَثُر ذلك منه سُمّي شَكُورًا، ومن ثَمّ قال سبحانه وتعالى:{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ: ١٣]. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسأله الأولى): حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢١/ ٧٠٩٨ و ٧٠٩٩](٢٨١٩)، و (البخاريّ) في "التهجّد"(١١٣٠) و"التفسير"(٤٨٣٦) و"الرقاق"(٦٤٧١)، و (الترمذيّ) في "الصلاة"(٤١٢) وفي "الشمائل"(٢٦١)، و (النسائيّ) في "المجتبى"(١٦٤٤) وفي "الكبرى"(١٣٢٥)، و (ابن ماجه) في "إقامة الصلاة"(١٤١٧)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(٤٧٤٦)، و (الحميدي) في "مسنده"(٧٥٩)، و (أحمد) في "مسنده"(٤/ ٢٥١ و ٢٥٥)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(١١٨٢ و ١١٨٣)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٣١١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٣/ ١٦ و ٧/ ٣٩)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٩٣١)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان ما كان عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من كثرة العبادة، والاجتهاد فيها، والخشية من ربّه -عز وجل-، مع أنه غُفر له ما تقدّم من ذنبه، وما تأخّر؛ ليكون عبدًا شكورًا.