للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويصيرون إلى منازلهم، وتَكْمُلُ أحوالهم، فهذا هو الظاهر من لفظ الحديث ومعناه.

وحَكَى القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ - فيه وجهين: أحدهما أنها إماتة حقيقيةٌ، والثاني: ليس بموت حقيقيّ، ولكن يَغِيب عنهم إحساسهم بالآلام، قال: ويجوز أن تكون آلامهم أخَفّ، فهذا كلام القاضي، والمختار ما قدمناه. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١)، وهو كلام منقّح مفيد، والله تعالى أعلم.

(حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا) بفتح الفاء، وسكون الحاء المهملة، وقد تفْتَحُ، أفاده الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وقال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: "الْفَحَمُ: محرّكة، وبالفتح، وكأمير: الْجَمْرُ الطافئ، والْفَحْمَةُ: واحدته. انتهى (٢). (أُذِنَ) بالبناء للمفعول، أي أَذِنَ الله تعالى للملائكة، والأنبياء، والصالحين (بِالشَّفَاعَةِ) وفي نسخة: "في الشفاعة" (فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: كذا هو في الروايات، والأصول: "ضَبَائر ضبائر" مكررٌ مرتين، وهو منصوب على الحال، وهو بفتح الضاد المعجمة، وهو جمع ضَبَارة، بفتح الضاد، وكسرها، لغتان، حكاهما القاضي عياض، وصاحب "المطالع"، وغيرهما، أشهرهما الكسر، ولم يذكر الهرويّ وغيره إلا الكسر، ويقال فيها أيضًا: إِضْبَارة، بكسر الهمزة، قال أهل اللغة: الضبائر جماعات في تَفْرِقَة، ورُوِي: "ضِبَارَاتٍ ضَبَارَاتٍ". انتهى (٣).

وقال ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: "الضّبَائرُ: الجماعاتُ في تفرقة، واحدتها ضِبَارةٌ، مثلُ عِمَارة وعَمَائِر، وكلُّ مُجتمع: ضِبَارةٌ، وفي رواية أخرى: "فيُخرجون ضِبَارات ضِبَاراتٍ" وهو جمع صِحّة للضّبَارة، والأول: جمع تكسير". انتهى (٤).

(فَبُثُّوا) بضمّ الباء الموحدة، بعدها ثاء مثلثة: أي فُرِّقُوا (عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّة، ثُمَّ قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّة، أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ) أي صُبّوا على هؤلاء الضبائر (فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ) بنصب "نَبَاتَ" على المفعوليّة المطلقة، و"الْحِبّة" بالكسر بُزور الصحراء (تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ") أي محموله من الْغُثاء وغيره، وقد تقدّم البحث في الْحِبّة، والحميل مستوفًى في شرح حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه -،


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٣٨.
(٢) القاموس المحيط" ص ١٠٣٢.
(٣) "شرح النوويّ" ٣/ ٣٨.
(٤) "النهاية" ٣/ ٧١ - ٧٢.