للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (عَبْدُ اللهِ) مرفوع على الفاعليّة؛ أي: لم يتأخّر خروج عبد بن مسعود علينا. (فَقَالَ) عبد الله: (إِنِّي) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في الابتداء، (أُخْبَرُ) بضمّ أوله، مبنيًّا للمفعول؛ أي: يُخبرني مخبر، وفي رواية أحمد: "فقال: إنه ليُذْكَرُ لي مكانكم". (بِمَكَانِكُمْ) الذي أنتم فيه، وهو بابه. (فَمَا) نافية، (يَمْنَعُنِي أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ) "أن" مصدريّة أيضًا؛ أي: من الخروج إليكم، (إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَنْ أُمِلَّكُمْ) الاستثناء مفرّغ، و"كراهية" فاعل لـ"يمنعني"، ثم قال ابن مسعود مبيّنًا كونه في ذلك متّبعًا للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) بكسر الهمزة أيضًا؛ لِمَا أسلفته آنفًا. (كَانَ يَتَخَوَّلُنَا) بالخاء المعجمة، وباللام، من التخول، وهو التعهد، من خال المال، وخال على الشيء خَوَلًا: إذا تعهد، ويقال: خال المالَ يخوله خَوْلًا: إذا ساسه، وأحسن القيام عليه، والخائل: المتعاهد للشيء المصلح له، وخوّل الله الشيءَ؛ أي: ملَّكه إياه، وخَوَلُ الرجلِ: حَشَمُه، الواحد خائل، وقال أبو عمرو الشيبانيّ: الصواب: "يتحولهم" بالحاء المهملة؛ أي: يطلب أحوالهم التي يَنشطون فيها للموعظة، فيعظهم، ولا يُكثر عليهم، فيملّوا، وكان الأصمعي يرويه: "يتخوننا" بالنون، والخاء المعجمة؛ أي: يتعهدنا، حكاه عنهما صاحب "نهاية الغريب"، وفي "مجمع الغرائب": قال الأصمعيّ: أظنه: يتخوّنهم بالنون، وهو بمعنى التعهد، وقيل: إن أبا عمرو بن العلاء سمع الأعمش يحدّث هذا الحديث، فقال: "يتخولنا" باللام، فردّه عليه بالنون، فلم يرجع؛ لأجل الرواية، وكلا اللفظين جائز، والصواب بالخاء المعجمة، وباللام، وقال ابن الأعرابيّ: معناه: يتخذنا خَوَلًا، ويقال: يناجينا بها، وقيل: يصلحنا، وقال أبو عبيدة: يُذَلِّلنا بها، يقال: خوّل الله لك؛ أي: ذلّله لك، وسخّره، وقيل: يحبسهم عليها كما يُحبَس الخَوَل، ذكره في "العمدة" (١).

(بِالْمَوْعِظَةِ) متعلّق بـ"يتخوّلنا"، قال الصغاني: الوعظ، والعِظَة، والموعظة مصادر قولك: وعظته أَعِظه، والوعظ هو النصح، والتذكير بالعواقب. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "كان يتخولنا" بالخاء المعجمة، وتشديد الواو،


(١) "عمدة القاري" ٢/ ٤٥.
(٢) "عمدة القاري" ٢/ ٤٤.