للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الخطابيّ: الخائل بالمعجمة: هو القائم المتعهد للمال، يقال: خال المال يخوله: إذا تعهده، وأصلحه، والمعنى: كان يراعي الأوقات في تذكيرنا، ولا يفعل، ذلك كل يوم؛ لئلا نملّ، والتخون بالنون أيضًا، يقال: تخوّن الشيءَ: إذا تعهّده، وحَفِظه؛ أي: اجتنب الخيانة فيه، كما قيل: في تحنّث، وتأثّم، ونظائرهما، وقد قيل: إن أبا عمرو بن العلاء سمع الأعمش يحدّث هذا الحديث، فقال: "يتخولنا" باللام، فردّه عليه بالنون، فلم يرجع؛ لأجل الرواية، وكلا اللفظين جائز، وحَكَى أبو عبيد الهرويّ في "الغريبين" عن أبي عمرو الشيباني أنه كان يقول: الصواب: يتحوّلنا بالحاء المهملة؛ أي: يتطلب أحوالنا التي ننشط فيها للموعظة.

قال الحافظ: والصواب من حيث الرواية الأُولى، فقد رواه منصور، عن أبي وائل، كرواية الأعمش، وإذا ثبتت الرواية، وصح المعنى بطل الاعتراض. انتهى (١).

(في الأَيَّامِ) متعلّق بحال من "الموعظة"؛ أي: حال كون الموعظة كائنة في الأيام، أو بصفة منه؛ أي: بالموعظة الكائنة في الأيام، (مَخَافَةَ السَّآمَةِ) منصوب على أنه مفعول له؛ أي: لأجل مخافة السآمة، وصلة السآمة محذوفة؛ لأنه يقال: سأمت من الشيء، والتقدير: مخافة السآمة من الموعظة، و"السآمة" مثل الملالة وزنًا ومعنى، وقال أبو زيد: سَئِمت من الشيء أسأم، سأمًا، وسآمة، وسآمًا: إذا مَلِلته. انتهى (٢).

وقوله: (عَلَيْنَا) إما يتعلق بالسآمة على تضمين السآمة معنى المشقة؛ أي: مخافة المشقة علينا؛ إذ المقصود بيان رفق النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالأمة، وشفقته عليهم؛ ليأخذوا منه بنشاط، وحرص، لا عن ضجر وملل، وإما يجعل صفة، والتقدير: مخافة السآمة الطارئة علينا، وإما يجعل حالًا، والتقدير: مخافة السآمة حال كونها طارئة علينا، وإما يتعلق بالمحذوف، والتقدير: مخافة السآمة شفقةً علينا، فافهم (٣).


(١) "الفتح" ١/ ٢٨٧، "كتاب العلم" رقم (٦٨).
(٢) "عمدة القاري" ٢/ ٤٤.
(٣) "عمدة القاري" ٢/ ٤٤.