للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ) هو النجم الشديد الإضاءةِ، وقال الفرّاء: هو النجم العظيم المقدار، وهو بضم الدال المهملة، وكسر الراء المشدّدة، بعدها تحتانية ثقيلة، وقد تسكن، وبعدها همزة، ومَدّ، وقد يكسر أوله على الحالين، فتلك أربع لغات، ثم قيل: إن المعنى مختلف، فبالتشديد كأنه منسوب إلى الدُّرّ؛ لبياضه وضيائه، وبالهمز كأنه مأخوذ من درأ؛ أي: دَفَعَ؛ لاندفاعه عند طلوعه، ونقل ابن الجوزيّ عن الكسائيّ تثليث الدال، قال: فبالضم نسبة إلى الدرّ، وبالكسر: الجاري، وبالفتح: اللامع. انتهى (١).

(الْغَابِرَ) قال القرطبيّ -رحمه اللهُ-: الرواية المشهورة الغابر بموحّدة، ومعناه: الذاهب، والباقي على اختلاف المفسرين، وغبر من الأضداد، يقال: غبر: إذا ذهب، وغبر إذا بقي، ويعني به: أن الكوكب حالة طلوعه وغروبه بعيدٌ عن الأبصار، فيظهر صغيرًا لِبُعده، وقد بيّنه بقوله: "في الأفق، من المشرق، أو المغرب"، والأفق: ناحية السماء، وهو بضم الهمزة، والفاء، وبسكونها، كما يقال: عشُرٌ وعُشْرٌ، وجمعه: آفاق، وقد قيّدنا تلك اللفظة على من يوثق به: "الغائر" بالهمز، اسم فاعل من غار، وقد رُوي في غير مسلم: "الغارب" بتقديم الراء، ويُروى: "العازب" بالعين المهملة، والزاي؛ أي: البعيد، ومعانيها كلها متقاربة. انتهى (٢).

وقال في "الفتح" قوله: "الغابر" كذا للأكثر، وفي رواية "الموطأ": "الغاير" بالتحتانية بدل الموحّدة، قال عياض: كأنه الداخل في الغروب، وفي رواية الترمذيّ: "الغارب"، وفي رواية الأصيليّ بِالْعين المهملة، والزاي، قال عياض: معناه: الذي يبعد للغروب، وقيل: معناه: الغائب، ولكن لا يحسن هنا؛ لأن المراد: أن بُعده عن الأرض كبُعد غرف الجنة عن رَبَضِها في رأي العين، والرواية الأُولى هي المشهورة، ومعنى الغابر هنا: الذاهب، وقد فسره في الحديث بقوله: "من المشرق إلى المغرب"، والمراد بالأفق: ناحية السماء (٣). انتهى (٤).


(١) "الفتح" ٧/ ٥٤٨.
(٢) "المفهم" ٧/ ١٧٥ - ١٧٦.
(٣) وقع في "الفتح" تفسير الأفق بالسماء، والصواب تفسيره بناحية السماء، ولذا اعترض عليه العينيّ، فتنبّه.
(٤) "الفتح" ٧/ ٥٤٩.