للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو حاتم: صدوقٌ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقةً، وقال البغويّ: مات في آخر ذي الحجة سنة (٢٣٦)، زاد غيره: بالبصرة.

تفرّد به المصنّف، وأبو داود، وليس له في هذا الكتاب إلا هذا الحديث.

والباقون تقدّموا قبل أربعة أبواب.

شرح الحديث:

(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) -رضي الله عنه-؛ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا) قال النوويّ -رحمه الله-: السوق يُذكّر ويؤنث، وهو أفصح، والمراد بالسوق: مَجْمَع لهم يجتمعون، كما يجتمع الناس في الدنيا في السوق. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: السوق يذكّر ويؤنث، "وسُمّي سوقًا"؛ لقيام الناس فيها على ساق، وقيل: لِسَوق الناس بضائعهم إليها، فيَحْتَمِل أن يكون سُوق الجنة عبارة عن مجتمع أهل الجنة، ومحل تزاورهم، وسُمّي سُوقًا بالمعنى الأول، ويؤيّد هذا أن أهل الجنة لا يَفقِدون شيئًا حتى يحتاجوا إلى شرائه من السوق، ويَحْتَمِل أن يكون سُوقًا مشتملًا على محاسن مشتهيات مستلذات تُجمع هنالك مرتَّبة محسّنة، كما تُجمع في الأسواق، حتى إذا جاء أهل الجنة فرأوها، فمن اشتهى شيئًا وصل إليه من غير مبايعة، ولا معاوضة، ونعيم الجنة وخيرها أعظم، وأوسع من ذلك كله. انتهى (٢).

(يَأْتُونَهَا)؛ أي: يحضر أهل الجنة تلك السوق (كُلَّ جُمُعَةٍ) بضمّتين، ويسكّن الثاني، قال النوويّ -رحمه اللهُ-: معناه: يأتونها في مقدار كل جمعة؛ أي أسبوع، وليس هناك حقيقة أسبوع؛ لفقد الشمس، والليل، والنهار. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: وخصّ يوم الجمعة بذلك؛ لفضيلته، ولِمَا خصّه الله تعالى به من الأمور التي تقدَّم ذكرها، ولأنه يوم المزيد؛ أي: اليوم الذي يُوَفَّى


(١) "شرح النوويّ" ١٧/ ١٧٠.
(٢) "المفهم" ٧/ ١٧٧ - ١٧٨.
(٣) "شرح النوويّ" ١٧/ ١٧٠.