للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القبلة، من ناحية الشام، وهي التي تأتي بلاد العرب بالأمطار، فهي عندهم أحسن الأرياح، فلذلك سُمّي ريح الجنة بالشَّمال، وفي الشمال لغات، يقال: شَمَالٌ، وشَمْألٌ، وشَأْملٌ، وشَمَلٌ، وشَمُول، حكاها صاحب "العين"، ويقابلها: الجنوب، وقد سمِّيت هذه الريح في حديث آخر بالمثيرة؛ لأنَّها تثير النعيم، والطيب على أهل الجنة. انتهى (١).

(فَتَحْثُو)؛ أي: تنثر تلك الريح، والمفعول محذوف؛ أي: المسك، وأنواع الطيب (فِي وُجُوهِهِمْ)؛ أي: أبدانهم، وخُصّت الوجوه؛ لِشَرِفها، (وَثيَابِهِمْ، فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا) جَمع بينهما للتأكيد، أو المراد بأحدهما الزينة، وبالآخر حُسْن الصورة. (فَيَرْجِعُونَ)؛ أي: من السوق (إِلَى أَهْلِيهِمْ، وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا) قيل: يكون زيادة حسنهم بقدر حسناتهم، (فَيَقُول لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: والله لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُونَ: وَأَنْتُمْ) فيه تغليب؛ لكون الأهل أعم من النساء، والولدان، أو أريد به التعظيم والتكريم، أو روعي المشاكلة والمقابلة. (والله لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا)؛ أي: بعد مفارقتكم لنا، (حُسْنًا وَجَمَالًا") ذلك إما لإصابتهم من تلك الريح، أو بسبب انعكاس جمالهم، أو لأجل تأثير حالهم، وترقي مآلهم، والله تعالى أعلم (٢).

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٦/ ٧١١٨] (٢٨٣٣)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ٢٨٤)، و (الدارميّ) في "سننه" (٢/ ٤٣٦)، و (أبو نعيم) في "الحلية" (٦/ ٢٥٣)، و (ابن عساكر) في "تاريخ دمشق" (٤١/ ٣١٢٧)، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "المفهم" ٧/ ١٧٨.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ١٠/ ٢٨٩.