[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنه من خُماسيّات المصنّف -رحمه اللهُ-، وله فيه شيخان قرن بينهما؛ لِمَا أسلفته غير مرّة، وأن شيخه يعقوب أحد مشايخ الجماعة بلا واسطة، وقد تقدّموا غير مرّة، وأنه مسلسل بالبصريين غير شيخيه، فبغداديّان، والصحابيّ، فمدنيّ، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ.
شرح الحديث:
(عَنْ مُحَمَّدِ) بن سيرين؛ أنه (قَالَ: إِمَّا تَفَاخَرُوا، وَإِمَّا تَذَاكَرُوا) معنى هذا الكلام أن جماعة من الناس اختلفوا فيما بينهم هل (الرِّجَالُ فِي الْجَنَّةِ أَكْثَرُ، أَمِ النِّسَاءُ؟) وفي بعض النسخ: "الرجال أكثر في الجنّة أم النساء؟ "، وهذا الاختلاف، إما مذاكرة فيما بينهم، وإما مفاخرة للرجال على النساء، أو العكس (١)، وهذا تؤيّده رواية ابن عيينة التالية بلفظ:"اختصم الرجال والنساء، أيُّهم في الجنّة أكثر؟ ".
(فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه-: (أَ) تختلفون في هذا (وَلَمْ يَقُلْ أَبُو الْقَاسِمِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ) بضم الزاي؛ أي: أول جماعة (تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ)؛ أي: في الإضاءة، وفي رواية عند البخاريّ في "الرقاق" بلفظ: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر"، وقال وليّ الدين -رحمه اللهُ-: قوله: "على صورة القمر"؛ أي: على صفته؛ أي: إنهم في إشراق وجوههم على صفة القمر ليلة تمامه، وكماله، وهي ليلة أربع عشرة، وبذلك سُمّي القمر بدرًا في تلك الليلة، وقد ورد في هذا المعنى ما يقتضي ما هو أبلغ من ذلك، فروى الترمذيّ من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- مرفوعًا: "لو أن رجلًا من أهل الجنة اطلع، فبدا أساوره لطمس ضوء الشمس، كما تطمس الشمس ضوء النجوم".
وفي "صحيح البخاريّ" من حديث سهل بن سعد مرفوعًا: "ليدخلنّ من أمتي سبعون ألفًا الجنة، أو سبعمائة ألف، لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم،