للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"العظمة"، والبيهقيّ في "البعث" من حديث عبد الله بن أبي أوفى، رفعه: "إن الرجل من أهل الجنة ليُزَوَّج خمسمائة حوراء، أو أنه ليُفضي إلى أربعة آلاف بكر، وثمانية آلاف ثيّب"، وفيه راو لم يُسَمَّ، وفي الطبرانيّ من حديث ابن عباس: "إن الرجل من أهل الجنة ليفضي إلى مائة عذراء".

وقال ابن القيّم -رحمه الله-: ليس في الأحاديث الصحيحة زيادة على زوجتين، سوى ما في حديث أبي موسى: "إن في الجنة للمؤمن لخيمةً من لؤلؤة، له فيها أهلون، يطوف عليهم".

قال الحافظ: الحديث الأخير صححه الضياء، وفي حديث أبي سعيد عند مسلم، في صفة أدنى أهل الجنة: "ثم يدخل عليه زوجتاه"، والذي يظهر أن المراد: أن أقل ما لكل واحد منهم زوجتان.

وقد أجاب بعضهم باحتمال أن تكون التثنية تنظيرًا لقوله: جنتان، وعينان، ونحو ذلك، أو المراد: تثنية التكثير والتعظيم، نحو: لبيك، وسعديك، ولا يخفى ما فيه.

واستدلّ أبو هريرة -رضي الله عنه- بهذا الحديث على أن النساء في الجنة أكثر من الرجال، كما بُيّن في هذه الرواية، وهو واضح، لكن يعارضه قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث الكسوف المتقدم: "رأيتكنّ أكثر أهل النار"، ويجاب بأنه لا يلزم من أكثريتهنّ في النار نفي أكثريتهن في الجنة، لكن يُشكل على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر: "اطّلعت في الجنة، فرأيت أقلّ ساكنها النساء".

ويَحْتَمِل أن يكون الراوي رواه بالمعنى الذي فهمه، من أن كونهنّ أكثر ساكني النار يلزم منه أن يكن أقل ساكني الجنة، وليس ذلك بلازم؛ لِمَا سبق. ويَحْتَمِل أن يكون ذلك في أول الأمر قبل خروج العصاة من النار بالشفاعة، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال النوويّ -رحمه اللهُ-: كذا وقع "زوجتان" بتاء التأنيث، وهي لغة تكررت في الحديث، والأكثر خلافها، وبه جاء القرآن، وذكر أبو حاتم السجستانيّ أن الأصمعيّ كان ينكر زوجة، ويقول: إنما هي زوج، قال: فأنشدناه قول الفرزدق:

وَأَنَّ الَّذِي يَسْعَى لِيُفْسِدَ زَوْجَتِي … لَسَاعٍ إِلَى أُسْدِ الشَّرَى يَسْتَنِيلُهَا