للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النساء يعني: نساء بني آدم هن أقل في الجنة، وأكثر في النار.

قلت (١): وإذا قلنا بالأولى: إن لكل واحد منهم زوجتين من نساء الدنيا، فيشكل على ذلك قوله: "أقل ساكني الجنة النساء"، ولعل راويه رواه بالمعنى في فهمه، فأخطأ فهمه من كونهن أكثر ساكني جهنم أنهن أقل ساكني الجنة، وقد تقدم أن ذلك لا يلزم، وأنهن أكثر ساكني الجهتين معًا؛ لكثرتهنّ، والله أعلم. انتهى (٢).

٢ - (ومنها): أن فيه دليلًا على دخول أهل الجنة إليها جماعة بعد جماعة، وقد صُرِّح به في قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر: ٧٣]، وذلك بحسب الفضل، وتفاوت الدرجات، فمن كان أفضل كان إلى الجنة أسبق، وأول من يدخل الجنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وفي الحديث الصحيح: "آتي يوم القيامة باب الجنة، فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أُمرت أن لا أفتح لأحد قبلك".

٣ - (ومنها): أنه قد تبيّن ببقية الروايات أن الزوجتين أقل ما يكون لساكن الجنة من نساء الدنيا، وأن أقل ما يكون له من الحور العين سبعون زوجة، وأما أكثر ذلك فلا حصر له، وفي "الصحيح" عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن للمؤمن في الجنة لخيمةً من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلًا، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن، فلا يرى بعضهم بعضًا وفي رواية: "في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراهم الآخرون".

وروى الترمذيّ من رواية ثوير بن أبي فاختة، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن أدنى أهل الجنة منزلة لَمَن ينظر إلى جِنانه، وأزواجه، ونعيمه، وخدمه، وسُرُره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوةً وعشيةً".

٤ - (ومنها): أن قوله: "يُرى مخّ ساقهما من وراء اللحم"؛ يعني: من شدة صفاء لحم الساقين، كما يُرى السلك في جوف الدّرّة الصافية، وروى


(١) القائل وليّ الدين -رحمه اللهُ-.
(٢) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٨/ ٢٥٩.