للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ -رحمه الله-: رُوي بضم الخاء واللام، وبفتح الخاء وإسكان اللام، وكلاهما صحيح، ورجح الضم بقوله في الحديث الآخر: "لا اختلاف بينهم، ولا تباغض، قلوبهم على قلب واحد"، وقد يرجح الفتح بقوله: "لا يمتخطون، ولا يتفلون"، قال الطيبيّ -رحمه الله-: فعلى هذا لا يكون قوله: "على صورة أبيهم آدم" بدلًا من قوله: "على خلق رجل واحد" بل يكون خبر مبتدأ محذوف، فإذا قيل: الموصوفون بالصفات المذكورة كلها على خُلُق رجل واحد حسن الإبدال.

قال: وأما توجيه الضمّ، فالجملة كالإجمال للتفصيل الذي هو مسبوق بمجمل، أجمل أولًا بقوله: "قلوبهم على قلب رجل واحد"، ثم فصّل بقوله: "لا اختلاف بينهم، ولا تباغُض"، وعلّل عدم الاختلاف بقوله: "لكل امرئ منهم زوجتان. . . إلخ" على معنى أن كل واحد رضي بما أوتي من الثواب على حَسَب مرتبته، وثانيًا بقوله: "على خُلق رجل واحد"؛ تأكيدًا وتقريرًا، فهو كالفذلكة للمجموع.

وحاصله أنه -صلى الله عليه وسلم- ابتدأ بوصف حُسن خُلُقهم الباطن، وختم بوصف حسن خَلْقهم الظاهر. انتهى كلام الطيبيّ -رحمه الله- (١).

وقوله: (قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: "عَلَى خُلُقِ رَجُل" أي: بضمّ الخاء واللام، ووقع بعض النسخ: "رجلٍ واحدٍ" في الموضعين، (وَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: "عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ" أي: بفتح الخاء، وإسكان اللام، (وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ) أيضًا: ("عَلَىَ صُورَةِ أَبِيهِمْ") بدل قول أبي كريب: "على طول أبيهم آدم".

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٥٥٦ - ٣٥٥٧.