للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إن بخورهم العود، وهو الألنجوج المذكور في رواية أخرى في "الصحيح"، وهو بفتح الهمزة واللام، وإسكان النون، وضم الجيم، ويقال فيه أيضًا: يلنجوج بالياء أوَّله بدل الهمزة، ويقال فيه أيضًا: ألنجج بحذف الواو التي بين الجيمين، والألف والنون فيه زائدتان، كأنه يلج في تضوّع رائحته، وانتشارها.

فإن قلت: إنما تفوح رائحة العود بوضعه في النار، كما قال الشاعر [من الكامل]:

لَوْلَا اشْتِعَالُ النَّارِ فِيمَا جَاوَرَتْ … مَا كَانَ يُعْرَفُ طِيبُ نَشْرِ الْعُودِ

والجنة لا نار فيها.

قلت: قد يَشتعل بغير نار، وقد تفوح رائحته بلا اشتعال، وليست أمور الآخرة على قياس أمور الدنيا، وهذا الطير يشتهيه الإنسان، فينزل مشويًّا بلا شيّ نار، ولا غيرها، والله أعلم. انتهى (١).

وقوله: (وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ) بفتح الراء المهملة، وإسكان الشين المعجمة، وبالحاء المهملة؛ أي: إن العَرَق الذي يترشح منهم رائحته كرائحة المسك، وهو قائم مقام التغوط والبول من غيرهم، كما قال في الحديث: "لا يبولون، ولا يتغوّطون، وإنما هو عَرَقٌ يجري من أعراضهم مثل المسك"؛ يعني: من أبدانهم، ولمّا كانت أغذية الجنة في غاية اللطافة والاعتدال، لا عجم لها، ولا ثفل، لم يكن لها فضلةٌ، تستقذر، بل تستطاب، وتستلذّ، فعبَّر عنها بالمسك الذي هو أطيب طيب أهل الدنيا (٢).

وقوله: (أَخْلَاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ") قال القاري: هو بضم الخاء واللام، وتسكّن، والمعنى أنهم على قلب واحد، وبفتح الأول، والمعنى أنهم أتراب في سنّ واحد، وهو ثلاثون، أو ثلاث وثلاثون سنة على ما سيأتي في الحديث، وهو الملائم المناسب لقوله: "على صورة أبيهم آدم أي: في القامة، وبيّنه بقوله: "ستون ذراعًا في السماء"؛ أي: طولًا، فكني عنه به، قاله الطيبيّ -رحمه الله- (٣).


(١) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٨/ ٢٥٨.
(٢) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٨/ ٢٥٨.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٥٥٦ - ٣٥٥٧.