للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المياه، قال -عز وجل-: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [الفرقان: ٥٣]، وقد فَرُت الماء يَفرُت فروتة، وهو فرات: إذا عَذُب، ومخرج الفرات فيما زعموا من أرمينية ثم من قاليقلا قرب خلاط، ويدور بتلك الجبال حتى يدخل أرض الروم، ويجيء إلى كمخ ويخرج إلى ملطية، ثم إلى سميساط، ويصب إليه أنهار صغار، قاله ياقوت (١).

وقال الفيّوميّ -رحمه الله-: الفُرَاتُ نهر عظيم مشهور، يخرج من حدود الروم، ثم يمرّ بأطراف الشام، ثم بالكوفة، ثم بالْحِلَّة، ثم يلتقي مع دجلة في البطائح، ويصيران نهرًا واحدًا، ثم يصبّ عند عَبّادان، في بحر فارس، والفرات: الماء العذب، يقال: فَرُتَ الماءُ فُرُوتَةً، وزانُ سَهُلَ سُهُولةً: إذا عَذُب، ولا يجمع إلا نادرًا على فِرْتَانِ، مثل غِرْبَان. انتهى (٢).

(وَالنِّيلُ) بكسر النون، بعدها تحتانيّة ساكنة، وآخره لام: نهر مصر المشهور. (كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ") قال الطيبيّ -رحمه الله-: "سيحان" مبتدأ، و"كُلٌّ" مبتدأ ثان، والتقدير: كلٌّ منهما، و"من أنهار الجنة" خبر المبتدأ الثاني، والجملة، خبر الأول، و"مِن" إما ابتدائية؛ أي: ناشئة منها، أو اتصالية، أو تبعيضية. انتهى (٣).

وقال النوويّ -رحمه الله-: (اعلم): أن سيحان وجيحان غير سيحون وجيحون، فأما سيحان وجيحان المذكوران في هذا الحديث اللذان هما من أنهار الجنة، في بلاد الأرمن، فجيحان نهر الْمِصِّيصة، وسيحان نهر أَذَنَةَ، وهما نهران عظيمان جدًّا، أكبرهما جيحان، فهذا هو الصواب في موضعهما، وأما قول الجوهريّ في "صحاحه": جيحان نهر بالشام، فغلط، أو أنه أراد المجاز من حيث إنه ببلاد الأرمن، وهي مجاورة للشام، قال الحازميّ: سيحان نهر عند المصِّيصة، قال: وهو غير سيحون، وقال صاحب "نهاية الغريب": سيحان وجيحان نهران بالعواصم، عند الْمِصِّيصة، وطَرَسوس، واتفقوا كلهم على أن جيحون بالواو نهر وراء خُراسان، عند بَلْخ، واتفقوا على أنه غير جيحان،


(١) "معجم البلدان" ٤/ ٢٤١.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٥.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٥٦١ - ٣٥٦٢.