للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكذلك سيحون غير سيحان، وأما قول القاضي عياض: هذه الأنهار الأربعة أكبر أنهار بلاد الإسلام، فالنيل بمصر، والفرات بالعراق، وسيحان وجيحان، ويقال: سيحون وجيحون ببلاد خُراسان، ففي كلامه إنكار من أوجه:

أحدها: قوله: الفرات بالعراق، وليس بالعراق، بل هو فاصل بين الشام والجزيرة.

والثاني: قوله: سيحان وجيحان، ويقال: سيحون وجيحون، فجعل الأسماء مترادفة، وليس كذلك، بل سيحان غير سيحون، وجيحان غير جيحون، باتفاق الناس، كما سبق.

الثالث: أنه ببلاد خُراسان، وأما سيحان وجيحان ببلاد الأرمن، بقرب الشام، والله أعلم.

وأما كون هذه الأنهار من ماء الجنة ففيه تأويلان، ذكرهما القاضي عياض:

أحدهما: أن الإيمان عَمّ بلادها، أو الأجسام المتغذية بمائها صائرة إلى الجنة.

والثاني: وهو الأصح أنها على ظاهرها، وأن لها مادّة من الجنة، والجنة مخلوقة موجودة اليوم، عند أهل السُّنَّة، وقد ذكر مسلم في "كتاب الإيمان" في حديث الإسراء أن الفرات والنيل يخرجان من الجنة، وفي البخاريّ من أصل سدرة المنتهى. انتهى كلام النوويّ -رحمه الله- (١) وهو تحقيقٌ حسنٌ، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١١/ ٧١٣٣] (٢٨٣٩)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٢٦٠ و ٢٨٩ و ٤٤٠)، و (الحميديّ) في "مسنده" (١١٦٣)، و (الخطيب) في "تاريخ بغداد" (١/ ٥٥)، و (ابن عساكر) في "تاريخ دمشق" (٤٣/ ٢٧٢)، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "شرح النوويّ على مسلم" ١٧/ ١٧٧.