للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خائفون، وله مُجِلُّون، ولِهَيْبته خاضعون، ومن عذابه مشفقون. انتهى (١).

وقال الطيبيّ بعدما ذكر نحو ما تقدّم: أقول: قد تقرّر في علم البيان أن وجه الشَّبَه إذا أُضمر عمّ تناوله، فيكون أبلغ مما لو صُرّح به، فينبغي أن يُحمل الحديث على المذكورات كلّها، ومن ثَمّ خصّ الفؤاد بالذكر دون القلب، قال الراغب: الفؤاد كالقلب، لكن يقال: له فؤاد إذا اعتُبر فيه معنى الفأد؛ أي: التوقّد، يقال: فَأَدْت اللحم، أي: شويته، ولحم فئيد: مشويّ، قال الله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)} [النجم: ١١]. انتهى كلامه (٢)، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.

[تنبيه]: في هذا الإسناد انتقادان:

(أحدهما): ما قاله الحافظ أبو عليّ الغسّانيّ بعد أن ساق سند مسلم المذكور -رحمه الله- ما نصّه: هكذا إسناد هذا الحديث عند أبي العلاء، وفي نسخة السجزيّ عن أبي أحمد مثله، ووقع في نسخة الرازيّ، والكسائيّ: إبراهيم بن سعد، نا أبي، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، بزيادة رجل في السند، وهو الزهريّ، قال الغسانيّ: والصواب رواية ابن ماهان، ومن تابعه، وكذلك خرّجه أبو مسعود في الأطراف، من طريق مسلم، من حديث إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: ولا أعلم لسعد بن إبراهيم رواية عن الزهريّ، والله أعلم (٣).

(الثاني): أن الدارقطنيّ انتقد على مسلم في هذا الحديث، فقال في "كتاب العلل": لم يتابع أبو النضر على وصله عن أبي هريرة، قال: والمحفوظ عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي سلمة مرسلًا، كذا رواه يعقوب، وسعد بن إبراهيم بن سعد، قال: والمرسل الصواب. انتهى.

وقد تصدّى النوويّ للجواب عن هذا الاعتراض، كما هي عادته، فقال:


(١) "فيض القدير" ٦/ ٤٦٠.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٥٥٩.
(٣) "تقييد المهمل" ٣/ ٩٢٦.