للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فانصح له، وإذا عطس فحمد الله، فسمِّته، وإذا مَرِض فَعُده، وإذا مات فاتّبعه".

فقوله: "إذا لقيته فسلّم عليه" نصّ صريح في الأمر بالسلام عند اللقاء، والأمر للوجوب إلا لصارف، كما هو رأي الجمهور، فالحقّ أحقّ أن يُتّبع أينما نبع، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقوله: (النَّفَرِ) بالجرّ بدل من "أولئك وهو بفتحتين: جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة، وقيل: إلى سبعة، ولا يقال: نفرٌ فيما زاد على العشرة، قاله الفيّوميّ -رحمه الله- (١). (وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ) قال الحافظ -رحمه الله-: لم أقف على تعيينهم، وقوله: (جُلُوسٌ) بالضمّ جمع جالس، خبر بعد خبر. (فَاسْتَمِعْ)، وفي رواية: "فاسمع" (مَا يُحَيُّونَكَ) هكذا في النسخة الهنديّة، من التحيّة، ووقع في معظم النُّسخ بلفظ: "ما يُجِيبُونك"، من الإجابة، قال في "الفتح": قوله: "ما يُحَيُّونك" كذا للأكثر بالمهملة، من التحية، وفي رواية أبي ذرّ بكسر الجيم، وسكون التحتانية، بعدها موحّدة من الجواب، وكذا هو في "الأدب المفرد"، انتهى (٢).

(فَإِنَّهَا)؛ أي: الكلمات التي يُحَيّون بها، أو يجيبون، (تَحِيَّتُكَ، وَتَحِيَّةُ ذُرَّيتِكَ)؛ أي: من جهة الشرع، أو المراد بالذرية: بعضهم، وهم المسلمون.

وقد أخرج البخاريّ في "الأدب المفرد" وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة، من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة، مرفوعًا: "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين"، وهو يدل على أنه شرع لهذه الأمة دونهم.

وفى حديث أبي ذرّ الطويل في قصة إسلامه قال: "وجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. . ." فذكر الحديث، وفيه: "فكنت أول من حياه بتحية الإسلام، فقال: وعليك ورحمة الله"، أخرجه مسلم.

وأخرج الطبرانيّ، والبيهقيّ في "الشعب" من حديث أبي أمامة، رفعه: "جعل الله السلام تحية لأمتنا، وأمانًا لأهل ذمتنا"، وعند أبي داود من حديث


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦١٧.
(٢) "الفتح" ١٤/ ١٣٠.