أتستهزئ مني؟ قال: لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر".
قال البيضاويّ: نسبة الضحك إلى الله تعالى مجازٌ، بمعنى الرضا، وضحك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على حقيقته، وضحك ابن مسعود على سبيل التأسي. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: نسبة الضحك مجاز غير صحيح، بل الحقّ أن نسبة الضحك إلى الله تعالى حقيقةٌ، وليس بمجاز، فقد ثبتت هذه الصفة له - سبحانه وتعالى - في الأحاديث الصحاح، وحقّقها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالفعل تأسّيًا بربّه - سبحانه وتعالى -، فله - سبحانه وتعالى - ضحك يليق بجلاله، لا يشبه ضحك المخلوقين.
والحاصل أن الضحك صفة فعليّة ثابتة لله - سبحانه وتعالى - متعلّقة بمشيئته، كالرضا، والمحبّة، والغضب، ونحوها، فلا تؤوّل بالرضا، بل يجب الإيمان بها على حقيقتها اللائقة به - سبحانه وتعالى -، من غير تمثيل، ولا تكييف، ولا تعطيل، ولا تحريف، كما قال - عَزَّ وَجَلَّ -: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١]، فتبصّر بالإنصاف، ولا تسلك سبيل ذوي الانحراف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(قَالَ: فَكَانَ يُقَالُ: ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً) قال الكرمانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ليس هذا من تَتِمّة كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل هو من كلام الراوي نقلًا عن الصحابة، أو عن غيرهم، من أهل العلم. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قائل: "فكان يقال … إلخ"، هو إبراهيم النخعيّ، كما بيّنه ابن حبّان - رَحِمَهُ اللهُ - في "صحيحه"، حيث قال بعد سوق الحديث ما نصُّهُ: قال إبراهيم: وكان يقال: إن ذلك الرجل أدنى أهل الجنة منزلةً. انتهى.
وأما قائل المقالة المذكورة: فهو النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثَبَتَ ذلك في أول حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - الآتي للمصنّف بعد حديثين، ولفظه: "إن أدنى أهل الجنة منزلةً رجلٌ صرف الله وجهه عن النار … "، وساق القصة، وفي حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - الآتي بعد حديث أبي سعيد ضي الله عنه - رفعه: "قال: سأل