للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: استهزاء الله تعالى بالمنافقين ونحوهم (١)، وسُخريّته بهم من صفات الله تعالى التي يقابل بها من يستحقّها، وهي على الحقيقة اللائقة به - سبحانه وتعالى -، ولا تؤوّل، بل يجب الإيمان بها كما وردت، من غير تعطيل، ولا تحريف، ومن غير تكييف، ولا تمثيل، كسائر صفات الله - عَزَّ وَجَلَّ - من الضحك، والفرح، والرضا، والغضب، ونحوها، ولكنها تأتي في المقابلة، كالمكر والخديعة، وأما تفسيرها بإنزال الجزاء بالمستحقّين له، فليس معنى لها، وإنما هو من لوازمها المترتّبة عليها، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(قَالَ) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - (لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ) بفتح الضاد، وكسر الحاء المهملة، قال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: ضَحِكَ كَعَلِمَ، وناسٌ يقولون: ضِحِكْتُ بكسر الضاد، ضَحْكًا بالفتح والكسر، وبكسرتين، وكَكَتِفٍ، وتضحّك، وتضاحك، فهو ضاحكٌ، وضَحّاكٌ، وضَحُوكٌ، ومِضْحاكٌ، وضُحَكَةٌ، كهُمَزَة، وكحُزُقّةٍ: كثير الضحك. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ضَحِكَ من زيد، وضَحِكَ به ضَحِكًا، وضَحْكًا، مثلُ كَلِيم، وكَلْمٍ: إذا سَخِرَ منه، أو عَجِبَ، فهو ضاحك، وضحّاكٌ مبالغة. انتهى (٣).

(حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) بالجيم والذال المعجمة، قال أبو العباس ثعلب، وجماهير العلماء، من أهل اللغة، وغريب الحديث، وغيرهم: المراد بالنواجذ هنا الأنياب، وقيل: المراد هنا الضواحك، وقيل: المراد بها الأضراس، وهذا هو الأشهر في إطلاق النواجذ في اللغة، ولكن الصواب عند الجماهير ما قدمناه (٤).

وزاد في رواية ابن مسعود: "فضَحِكَ ابن مسعود، فقالوا: مِمّ تضحك؟ فقال: هكذا فَعَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن ضَحِك رب العالمين، حين قال الرجل:


(١) انظر ما كتبه الشيخ علي بن عبد العزيز الشبل في تعليقاته على "فتح الباري" ١١/ ٥٤٠.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٨٥٢.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٣٥٨.
(٤) "شرح النوويّ" ٣/ ٤٠.