للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "تَدْرُونَ) بتقدير أداة الاستفهام؛ أي: أتدرون، وتعلمون (مَا هَذَا؟ ")؛ أيُّ شيء هذا الذي سمعتم وَجْبَته؟.

قال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "أتدرون ما هذا؟ " دليل على أنهم حين سمعوا الوجبة خَرَق الله لهم العادة، فسمعوا ما مُنعه غيرهم، وإلا فالعادة تقتضي مشاركة غيرهم في سماع هذا الأمر العظيم، ففيه دليل على أن النار قد خُلقت، وأُعدّ فيها ما شاء الله مما يعذِّب به من يشاء، وهو مذهب أهل السُّنَّة، خلافًا للمبتدعة. انتهى (١).

(قَالَ) أبو هريرة: (قُلْنَا: اللهُ) -عز وجل- (وَرَسُولُهُ) -صلى الله عليه وسلم- (أَعْلَمُ) به منا، (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ) بالبناء للمفعول، (بِهِ فِي النَّارِ)؛ أي: نار جهنّم (مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا)؛ أي: من ابتداء سبعين سنة، (فَهُوَ يَهْوِي) بفتح أوله، وكسر ثالثه، يقال: هَوَى يَهوِي، من باب ضرب، هُويًّا بضمّ الهاء، وفَتْحها: إذا سقط من أعلى إلى أسفل، وزاد ابن الْقُوطيّة: هَوَاءً بالمدّ: سقط من أعلى إلى أسفل، قاله أبو زيد وغيره، وهَوَى يَهْوِي أيضًا هُوِيًّا بالضم لا غير: إذا ارتفع (٢). (فِي النَّارِ) متعلّق بـ "يَهْوِي وقوله: (الآنَ) ظرف متعلّق بـ "يهوي" أيضًا، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: "الآنَ" ظرف للوقت الحاضر الذي أنت فيه، ولزم دخول الألف واللام، وليس ذلك للتعريف؛ لأن التعريف تمييز المشتركات، وليس لهذا ما يشركه في معناه، قال ابن السّرّاج: ليس هو آن وآن، حتى يدخل عليه الألف واللام للتعريف، بل وُضع مع الألف واللام للوقت الحاضر، مثل الثُّريّا، والذي، ونحو ذلك. انتهى (٣).

وقوله: (حَتَّى انْتَهَى) غاية للهُويّ، ووقع في بعض النسخ بلفظ: "حين انتهى"، (إِلَى قَعْرِهَا") بفتح القاف، وإسكان العين المهملة، آخره راء؛ أي: إلى نهاية أسفلها، قال الفيّوميّ: قَعْرُ الشيء: نهاية أسفله، والجمع: قُعُورٌ، مثلُ فلس وفلوس (٤)، والله تعالى أعلم.


(١) "المفهم" ٧/ ١٨٨.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٤٣.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٣١.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٥١٠.