و (الحميديّ) في "مسنده"(٢/ ٤٨١)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(١١/ ١٨٠)، و (اللالكائىّ) في "اعتقاد أهل السُّنَّة"(٦/ ١١٦١)، و (ابن خزيمة) في "التوحيد"(ص ٩٢ و ٩٣ و ٩٤)، و (ابن منده) في "الردّ على الجهميّة"(٩)، و (الطبريّ) في "التفسير"(٢٦/ ١٧٠)، و (الآجرّيّ) في "الشريعة"(ص ٣٩١)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٧٤٤٧)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١/ ١٦٠)، و (البيهقيّ) في "الأسماء والصفات"(ص ٣٤٩، ٣٥٠)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان محاجّة الجنّة والنار، وهو على حقيقته لا على المجاز، كما ادُّعي، قال ابن بطال عن المهلّب: يجوز أن يكون هذا الخصام حقيقةً، بأن يخلق الله فيهما حياةً، وفهمًا، وكلامًا، والله قادر على كل شيء، ويجوز أن يكون هذا مجازًا؛ كقولهم: امتلأ الحوض، وقال: قطني، والحوض لا يتكلم، وإنما ذلك عبارة عن امتلائه، وأنه لو كان ممن ينطق لقال ذلك، وكذا في قول النار: هل من مزيد، قال: وحاصل اختصاصهما افتخار أحدهما على الأخرى بمن يسكنها، فتظن النار أنها بمن ألقي فيها من عظماء الدنيا أبَرّ عند الله من الجنة، وتظن الجنة أنها بمن أسكنها من أولياء الله تعالى أبرّ عند الله، فأجيبتا بأنه لا فضل لإحداهما على الأخرى من طريق من يسكنهما، وفي كلاهما شائبة شكاية إلى ربهما؛ إذ لم تذكر كل واحدة منهما إلا ما اختصت به، وقد ردَّ الله الأمر في ذلك إلى مشيئته، ذكره في "الفتح"(١).
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا نقل ابن بطال عن المهلّب احتمال كون الاختصام حقيقةً، أو مجازًا، وسكت عليه، والحقّ أنه محمول على الحقيقة، لا على المجاز؛ لأن الواجب حمل كلام ألله تعالى، وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- على الحقيقة ما لم يمنع من ذلك مانع، ولا مانع هنا، ولا دليل يدل على صرف الكلام عن ظاهره، فالصواب أن الله -عز وجل- أنطق الجنّة والنار حقيقةً، فاختصمتا، وذلك كما ينطق الجلود بالشهادة على أصحابها، وليست في العادة مما ينطق، قال الله تعالى: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ