والمعنى أنه -صلى الله عليه وسلم- أشار بيده الشريفة عند قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ}[لأنبياء: ١] إلى الدنيا؛ أي: أن غفلتهم كانت في هذه الدنيا، فإن الآخرة ليس دار غفلة، كما قال -عَزَّ وَجَلَّ- قبل هذه الآية: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٣٨)} [مريم: ٣٨]، وقال: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)} [ق: ٢٢].
وعند الترمذيّ في آخره:"فلو أن أحدًا مات فرحًا لَمَات أهل الجنة، ولو أن أحدًا مات حزنًا لمات أهل النار"، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
[تنبيه]: ذكر في "علل الدارقطنيّ" الاختلاف في هذا الحديث، ونصّه:
(٢٣٢٨) - وسئل -أي: الدارقطنيّ- عن حديث أبي صالح، عن أبي سعيد، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يجاء بالموت كأنه كبش أملح، فيُذبح، يقال: يا أهل الجنة، ويا أهل النار، خلود، ولا موت، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} الآية"، فقال: يرويه الأعمش، عن أبي صالح، واختُلف عنه، فرواه عليّ بن مسهر، والمسيّب بن شريك، وإسماعيل بن إبراهيم التيميّ، وأبو معاوية، وجرير، والثوريّ، ومحمد بن عبيد، ويعلى بن عبيد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، وكذلك قال أبو بدر شجاع بن الوليد، عن الأعمش، غير أنه لم يرفعه إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
وخالفهم أسباط بن محمد، فرواه عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وكذلك رواه عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، والصحيح حديث أبي سعيد الخدريّ. انتهى كلام الدارقطنيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١).
قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة ما ذكره الدارقطنيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في هذا الكلام أن الاختلاف في هذا الحديث، هل هو من مسند أبي سعيد الخدريّ، أم من مسند أبي هريرة -رضي الله عنهما-؟ وكذا بيّن الاختلاف في رَفْعه، ووَقْفه، وصحّح أنه من
(١) "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" ١١/ ٣٤٤ - ٣٤٥.