تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ عِنْدَ بَاب الْجَنَّة، هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الْأُولَيَيْن، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ؛ لِأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبّ، هَذِه، لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ؛ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا، فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّة، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَدْخِلْنِيهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَصْرِينِي مِنْكَ؛ أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ قَالَ: يَا رَبِّ أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ " فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَلا تَسْأَلُونِّي مِمَّ أَضْحَكُ؟ فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ؟ قَالَ: هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "مِنْ ضِحْكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، حِينَ قَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: إِنَي لَا أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (عَفَّانُ بْنُ مُسْلِم) الصفّار البصريّ الحافظ المذكور قبل بابين.
٢ - (حَمَّادُ بْنُ سَلَمَة) أبو سلمة البصريّ المذكور قبل بابين أيضًا.
٣ - (ثَابِت) بن أسلم البنانيّ البصريّ المذكور قبل بابين أيضًا.
٤ - (أَتس) بن مالك بن النضر الأنصاريّ الخزرجيّ الصحابيّ الخادم الشهير مات - رضي الله عنه - سنة (٣٢) أو (٣٩) وقد جاوز مائة (ع) تقدم في "المقدمة" ٢/ ٣.
والباقيان تقدّما في السند الماضي، والله تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
١ - (منها): أنه من سُداسيّات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
٢ - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، سوى شيخه، فما أخرج له الترمذيّ.
٣ - (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين، غير شيخه، وابن مسعود، فكوفيّان.
٤ - (ومنها): أن فيه حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت، وثابت ألزم الناس لأنس - رضي الله عنه -، لزمه أربعين سنة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute