للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (ومنها): أن فيه رواية صحابيّ عن صحابيّ - رضي الله عنهما -، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ" - رضي الله عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ، فَهْوَ يَمْشِي مَرَّةً) قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الفاء يجوز أن تكون تفصيليّةَّ، أَبْهَمَ أَوّلًا دَخوله الجنّة، ثم فصّل كيفيّة دخوله فيها ثانيًا، وأن تكون لتعقيب الإخبار، وإن تَقَدَّمَ ما بعدها على ما قبلها في الوجود، فوقعت موقع "ثُمّ" في هذا المعنى، كأنه قيل: أُخبركم عقب هذا القول حاله، فهو يمشي قبل دخوله في الجنّة مرّةً. انتهى (١). (وَيَكبُو) أي يسقط على وجهه، يقال: كَبَا يَكْبُو كَبْوًا بفتح، فسكون، وكُبُوًّا بضمّتين، وتشديد الواو: انكبّ على وجهه، قاله المجد (٢).

ووقع عند أبي عوانة بلفظ: "فينكبّ" (مَرَّةً) أخرى (وَتَسْفَعُهُ النَّارُ) بفتح التاء، وسكون السين المهملة، وفتح الفاء: أي تضرب وجهه، وتُسَوّده، وتؤثّر فيه أَثَرًا، وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "تسفعه النار": أي تُعلم في وجهه علامةَّ، يقال: سفعتُ الشيءَ: إذا جعلت عليه علامةً، يريد: أثرًا من النار. انتهى.

وقال ابن الملك: "تسفعه": أي تلفحه لفحًا يسيرًا، فيتغيّر لون بشرته، وقيل: أي: تُعلّمه علامة، أي: أثَرَّا مَنها، وفي "القاموس": "سَفَعَ الشيءَ" كمنعه: أعلمه، ووَسمَهُ، وسَفَعَ السَّمُومُ وجهَهُ: لَفَحَهُ لَفْحًا يسيرًا، قال: ولفحت النار بحرّها: أحرقت. انتهى (٣).

(مَرَّةً) أخرى (فَإِذَا مَا) زائدة (جَاوَزَهَما) أي تَعَدّى النار التي آذته بحرّها وسمومها (الْتَفَتَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: تبَارَكَ) أي تقدّس، وتنزّه، وهي صفة خاصّة بالله تعالى، قاله المجد (٤). وقال القاري: "تبارك": تعظّم، وتعالى، أو تكاثر خيره. انتهى (٥). (الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ) هذا فَرَحٌ بما أُعطيه من النجاة من سَفْعِ


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٥٣٥.
(٢) "القاموس المحيط" ص ١١٩٤.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٢١٨ وص ٦٥٥.
(٤) المصدر السابق ص ٨٣٩.
(٥) "المرقاة" ٩/ ٥٤٦.