فالحقّ، والصواب أن الضحك ثابت لله - سبحانه وتعالى - حقيقةً على ما يليق بجلاله، وقد تقدّم البحث مستوفًى، فلا تك من الغافلين، والله تعالى أعلم.
وقال البيضاويّ: إنما ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعجابًا، وسرورًا بما رأى من كمال رحمة الله تعالى، ولطفه على عبده المذنب، وكمال الرضا عنه، وأما ضَحِك ابن مسعود - رضي الله عنه - فكان اقتداءً بسنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لقوله:"هكذا ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: الصواب في بيان سبب ضحك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هو الذي ثبت عنه، لا ما قاله البيضاويّ، فقد صحّ عنه - صلى الله عليه وسلم - بيان سببه هنا لَمّا قالوا له: مم تضحك يا رسول الله؟ قال:"من ضَحِك رب العالمين"، فهل بعد بيانه - صلى الله عليه وسلم - بيان؟، هيهات هيهات، {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}[فاطر: ١٤]، والله تعالى أعلم.
(حِينَ قَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ") ولفظ أبي عوانة: "ولكني على ما أشاء قدير".
قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فإن قلت: لم استدركه؟، قلت: عن مقدّر، فإنه تعالى لَمّا قال له: "أيرضيك أن أُعطيك الدنيا، ومثلها معها؟ "، فاستبعده العبد؛ لِمَا رأى أنه ليس أهلًا لذلك، وقال: "أتستهزئ بي؟ " قال - سبحانه وتعالى - له: نعم كنتَ لست أهلًا له، لكني أجعلك أهلًا له، وأُعطيك ما استبعدته؛ لأني على ما أشاء قادر. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان" [٨٩/ ٤٧٠](١٨٧)، و (أحمد) في "مسنده" (١/ ٣٩١ - ٣٩٢ و ٤١٠ - ٤١١)، (وأبو يعلى) في "مسنده" (٤٩٨٠