رُفعت إليه، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: السجل كاتب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعنه أيضًا السجل؛ يعني: الرجل، فعلى هذه الأقوال: الكتاب: اسم الصحيفة المكتوب فيها.
وقوله:{أَوَّلَ خَلْقٍ} مفعول لقوله: نعيد الذي يفسره {نُعِيدُهُ} الذي بعده، والكاف مكفوفة بـ "ما"، والمعنى: نعيد أول خلق كما بدأناه؛ تشبيهًا للإعادة بالإبداء، في تناول القدرة لهما على السواء، وقيل: كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حُفاة عُراة غُرلًا كذلك نعيدهم يوم القيامة نظيرها.
وقوله: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (١٠٤)} مصدر مؤكد؛ لأن قوله:{نُعِيدُهُ} عِدَة للإعادة، وقوله:{إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}؛ أي: قادرين على ما نشاء أن نفعل، وقيل: معناه: إنا كنا فاعلين ما وعدناه، قاله في "العمدة"(١).
قال القرطبيّ -رحمه الله-: يجوز أن يراد بالخلائق مَن عدا نبينا -صلى الله عليه وسلم-، فلم يدخل في عموم خطابه نفسه، وتعقّبه تلميذه القرطبيّ أيضًا في "التذكرة"، فقال: هذا حسنٌ لولا ما جاء من حديث عليّ -رضي الله عنه-؛ يعني: الذي أخرجه ابن المبارك في "الزهد" من طريق عبد الله بن الحارث، عن عليّ -رضي الله عنه- قال:"أول من يكسى يوم القيامة خليل الله -عليه السلام- قبطيتين، ثم يكسى محمد -صلى الله عليه وسلم- حلة حبرة عن يمين العرش". قال الحافظ: كذا أورده مختصرًا موقوفًا، وأخرجه أبو يعلى مطوّلًا مرفوعًا، وأخرج البيهقيّ من طريق ابن عباس نحو حديث الباب، وزاد:"أول من يكسى من الجنة إبراهيم، يكسى حلة من الجنة، ويؤتى بكرسيّ، فيطرح عن يمين العرش، ثم يؤتى بي، فأُكسى حلة من الجنة، لا يقوم لها البشر، ثم يؤتى بكرسيّ، فيطرح على ساق العرش، وهو عن يمين العرش". وفي مرسل عبيد بن عمير، عند جعفر الفريابيّ:"يحشر الناس حفاة عراة، فيقول الله تعالى: ألا أرى خليلي عريانًا؟ فيكسى إبراهيم ثوبًا أبيض، فهو أول من يكسى". وقد أخرج ابن منده من حديث حَيْدَة -بفتح المهملة، وسكون التحتانيّة- رفعه،