عند مسلم، والإسماعيليّ، وغيرهما ليس فيه "يوم القيامة". نعم ثبت لفظ "يوم القيامة" في حديث أبي ذرّ، المنبّه عليه قبلُ.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الحافظ من أنه ليس لفظ "يوم القيامة" في طرق حديث أبي هريرة، بل في حديث أبي ذرّ غير صحيح؛ لأنه ثابت، في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، في رواية النسائيّ -رحمه الله- فتنبّه، والله تعالى أعلم.
قال: وهو مؤوَّل بأن المراد بذلك: أن يوم القيامة يعقب ذلك، فيكون من مجاز المجاورة، ويتعيّن ذلك؛ لِمَا وقع فيه أن الظهر يقلّ؛ لِمَا يلقى عليه من الآفة، وأن الرجل يشتري الشارف الواحد بالحديقة المعجبة، فإنه ظاهر جدًّا في أنه من أحوال الدنيا، لا بعد الموت.
وقد روى البيهقيّ في حديث الباب احتمالين، فقال: قوله: "راغبين" يَحْتَمِل أن يكون إشارة إلى الأبرار. وقوله:"راهبين" إشارة إلى المخلطين الذين هم بين الخوف والرجاء، والذين تحشرهم النار هم الكفار.
وتعقّب بأنه حذف ذكرَ قوله:"واثنان على بعير إلخ". وأجيب بأن الرغبة والرهبة صفتان للصنفين: الأبرار والمخلطين، وكلاهما يحشر اثنان على بعير الخ.
قال: ويَحتمل أن يكون ذلك في وقت حَشْرهم إلى الجنة بعد الفراغ، ثم قال بعد إيراد حديث أبي ذرّ: يَحتمل أن يكون المراد بالفوج الأول: الأبرار، وبالفوج الثاني: الذين خلطوا، فيكونون مشاة، والأبرار ركبانًا، وقد يكون بعض الكفّار أعيا من بعض، فأولئك يُسحبون على وجوههم، ومن دونهم يمشون، ويسعون مع من شاء الله من الفسّاق وقت حشرهم إلى الموقف.
وأما الظَّهر فلعلّ المراد به: ما يحييه الله بعد الموت من الدوابّ، فيركبها الأبرار، ومن شاء الله، ويلقي الله الآفة في بقيتها حتى يبقى جماعة من المخلطين بلا ظهر.
قال الحافظ: ولا يخفى ضعف هذا التأويل مع قوله في بقية الحديث: "حتى إن الرجل ليعطي الحديقة المعجبة بالشارف"، ومن أين يكون للذين يبعثون بعد الموت عراة، حفاة، حدائق حتى يدفعوها في الشوارف؟ فالراجح