زيد مع ضَعفه لا يخالف حديث الباب؛ لأنه موافق لحديث أبي ذرّ في لفظه، وقد تبيّن من حديث أبي ذرّ ما دلّ على أنه في الدنيا، لا بعد البعث في الحشر إلى الموقف، إذ لا حديقة هناك، ولا آفة تُلقَى على الظهر حتى يَعِزّ، ويقلّ. ووقع في حديث علي بن زيد المذكور عند أحمد أنهم يتقون بوجوههم كلّ حدب وشوك، وقد سبق أن أرض الموقف أرض مستوية، لا عوج فيها، ولا أكمة، ولا حدب، ولا شوك.
وأشار الطيبيّ إلى أن الأَولى أن الحديث الذي من رواية عليّ بن زيد على من يُحشر من الموقف إلى مكان الاستقرار من الجنّة، أو النار، ويكون المراد بالركبان: السابقين المتقين، وهم المراد بقوله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥)} [مريم: ٨٥]؛ أي: ركبانًا. وأخرج الطبريّ عن عليّ في تفسير هذه الآية، فقال:"أَمَا والله ما يحشر الوفد على أرجلهم، ولا يساقون سوقًا، ولكن يُؤتَون بِنُوق لم تر الخلائق مثلها، عليها رحال الذهب، وأزمّتها الزبرجد، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة". والمراد: سوق ركائبهم، إسراعًا بهم إلى دار الكرامة؛ كما يُفعل في العادة بمن يُشرف، ويُكرم من الوافدين على الملوك، قال: ويستبعد أن يقال: يجيء وفد الله عشرة على بعير جميعًا، أو متعاقبين، وعلى هذا فقد روى أبو هريرة حال المحشورين عند انقراض الدنيا إلى جهة أرض المحشر، وهم ثلاثة أصناف، وحال المحشورين في الأخرى إلى محلّ الاستقرار. انتهى كلام الطيبيّ -رحمه الله- عن جواب المعترض، ملخّصًا موضّحًا بزيادات فيه.
قال الحافظ -رحمه الله-: لكن تقدم مما قررته أن حديث أبي هريرة من رواية علي بن زيد ليس في المحشورين من الموقف إلى محلّ الاستقرار. ثم ختم كلامه بأن قال: هذا ما سنح لي على سبيل الاجتهاد، ثم رأيت في "صحيح البخاريّ" في "باب الحشر": "يُحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق"، فعلمت من ذلك أن الذي ذهب إليه الإمام التوربشتيّ هو الحقّ الذي لا محيد عنه.
قال الحافظ -رحمه الله-: ولم أقف في شيء من طرق الحديث الذي أخرجه البخاريّ على لفظ "يوم القيامة"، لا في "صحيحه"، ولا في غيره، وكذا هو