تابعيّ عن تابعيّ، وفيه ابن عمر -رضي الله عنهما- أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، من الصحابة -رضي الله عنهم-.
شرح الحديث:
(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) -رضي الله عنهما- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أنه قال في تفسير قوله -عز وجل-: ({يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)} قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("يَقُومُ) ووقع في بعض النسخ: "حين يقوم"، وفي بعضها: "حتى يقوم"، (أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ) بفتح، فسكون؛ أي: في عرقها؛ لأنه يخرج من البدن شيئًا بعد شيء، كما يرشح الإناء المتحلّل الأجزاء، ووقع في رواية سعيد بن داود: "حتى إن العرق يُلجم أحدهم إلى أنصاف أذنيه". (إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ") هو من إضافة الجميع إلى الجميع حقيقة ومعنى؛ لأن لكل واحد أذنين، قاله في "الفتح"، وقال في "العمدة": قوله: "إلى أنصاف أذنيه" كقوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التحريم: ٤]، ويمكن الفرق بأنه لمّا كان لكل شخص أذنان، فهو من باب إضافة الجمع إلى مثله؛ بناءً على أن أقل الجمع اثنان. انتهى (١).
وفي رواية صالح بن كيسان الآتية:"حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ".
والرَّشْح بفتح الراء، وسكون الشين المعجمة، بعدهما مهملة، هو العرق، شُبِّه برشح الإناء، لكونه يخرج من البدن شيئًا فشيئًا، وهذا ظاهر في أن العرق يحصل لكل شخص من نفسه، وفيه تعقُّب على من جوّز أن يكون من عرقه فقط، أو من عرقه وعرق غيره.
وقال عياض -رحمه الله-: يَحْتَمِل أن يريد عرق الإنسان نفسه بقدر خوفه، مما يشاهده من الأهوال، ويَحْتَمِل أن يريد عرقه وعرق غيره، فيشدّد على بعض، ويخفف على بعض، وهذا كله بتزاحم الناس، وانضمام بعضهم إلى بعض، حتى صار العرق يجري سائحًا في وجه الأرض، كالماء في الوادي، بعد أن شربت منه الأرض، وغاص فيها سبعين ذراعًا.