في التفحص عنه، والتطلع عليه حتى يجده، فيخونه، وهذا هو الإغراق في الوصف بالخيانة، قال القاري: بل هو إغراق في وصف الطمع، والخيانة تابعة له، والمعنى: أنه لا يتعدى عن الطمع، ولو احتاج إلى الخيانة، ولهذا قال الحسن البصريّ: الطمع فساد الدين، والورع صلاحه، قال القاضي: ويَحْتَمِل أن يكون خَفِي من الأضداد، والمعنى: لا يَظهر له شيء يُطمع فيه إلا خانه، وإن كان شيئًا يسيرًا.
قال القاري: لا خفاء في أن المعنى الأسبق أبلغ، وأنسب بقوله:"وإن دقّ" فهو بالاعتبار أَولى وأحقّ، وإن كان تعدية "خَفِيَ" باللام في معنى الظهور أظهر، فإنه يقال: خفي له؛ أي: ظهر، وخَفِي عليه الأمر؛ أي: استتر على ما ذكره بعض الشراح، لكن في "القاموس": خفاه يَخفيه: أظهره، وخِفِي كرضي: لم يظهر. انتهى.
فالمعنى الأول هو المعوّل بفتح الفاء في "لا يخفى"، إلا إن ثبت الرواية بكسرها، كما لا يخفى، والله أعلم.
قال الجامع عفا الله عنه: قد حقّق لغة "خفي" بمعنى استتر، وبمعنى ظهر، العلامة الفيّوميّ -رحمه الله- فقال: خَفِيَ الشيءُ يَخْفَى خَفَاءً بالفتح، والمدّ: استتر، أو ظهر، فهو من الأضداد، وبعضهم يجعل حرف الصلة فارقًا، فيقول: خَفِيَ عليه: إذا استتر، وخَفِيَ له: إذا ظهر، فهو خَافٍ، وخَفِيٌّ أيضًا، ويتعدى بالحركة، فيقال: خَفَيْتُه أَخْفِيهِ، من باب رَمَى: إذا سترته، وأظهرته، وفعلته خِفْيَةً بضم الخاء، وكسرها، ويتعدى بالهمزة أيضًا، فيقال: أَخْفَيْتُهُ، وبعضهم يجعل الرباعيّ للكتمان، والثلاثي للإظهار، وبعضهم يَعْكِس، واسْتَخْفَى من الناس: استتر، واخْتَفَيْتُ الشيءَ: استخرجته، ومنه قيل لنباش القبور: المُخْتَفِي؛ لأنه يستخرج الأكفان، قال ابن قتيبة، وتبعه الجوهريّ: ولا يقال: اخْتَفَى بمعنى توارى، بل يقال: اسْتَخْفَى، وكذلك قال ثعلب: اسْتَخْفَيْتُ منك؛ أي: تواريت، ولا تقل: اخْتَفَيْتُ، وفيه لغة حكاها الأزهريّ، قال: أَخْفَيْتُهُ بالألف: إذا سترته، فَخَفِيَ، ثم قال: وأما اخْتَفَى بمعنى خَفِيَ، فهي لغة ليست بالعالية، ولا بالمنكرة، وقال الفارابيّ أيضًا: اخْتَفَى الرجلُ البئرَ: إذا احتفرها،