للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واخْتَفَى: استتر. انتهى كلام الفيّوميّ -رحمه الله- (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا لِلُغة "خَفِي" بمعنى استتر، وبمعنى ظهر، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "والخائن الذي لا يخفى له طمع. . . إلخ" الخائن: هو الذي يأخذ مما اؤتمن عليه بغير إذن مالكه، و"يخفى له" -هنا- بمعنى يَظهر، كما قال الشاعر [من الطويل]:

خَفَاهُنّ مِنْ أَنْفَاقِهِنَّ كَأَنَّمَا … خَفَاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ عَشيٍّ مُجَلِّبِ

أي: أظهرهن، وخفي من الأضداد، يقال: خفيت الشيءَ؛ أي: أظهرته، وسترته، قاله أبو عبيد. انتهى (٢).

ثم أشار إلى ثالث الخمسة بقوله: (وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ، وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ، وَمَالِكَ")؛ أي: بسببهما، فـ "عن" بمعنى الباء، كما في قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣)} [النجم: ٣]، وقال في "الكشاف" في قوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} [البقرة: ٣٦]؛ أي: حَمَلهما الشيطان على الزلة بسببها، والمعنى: يخادعك بسبب أهلك ومالك؛ أي: يطمع في مالك وأهلك، فيُظهر عندك الأمانة والعفّة، ويخون فيهما (٣).

(وَذَكَرَ)؛ أي: النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في القسم الرابع من الخمسة (الْبُخْلَ، أَوِ الْكَذِبَ، "والشنظير الفحاش") قال التوربشتيّ: أي: البخيل والكذاب، أقام المصدر مقام الفاعل، وقال الطيبيّ: ولعل الراوي نسي ألفاظًا ذكرها في شأن البخيل، أو الكذاب، فعبّر بهذه الصيغة، وإلا كان يقول: والبخيل، أو الكذاب.

وقال النوويّ -رحمه الله-: هي في أكثر النسخ: "أو الكذب" بـ "أو"، وفي بعضها بالواو، والأول هو المشهور في نُسخ بلادنا، وقال القاضي عياض: روايتنا عن جميع شيوخنا بالواو، إلا ابن أبي جعفر، عن الطبريّ، وقال بعض الشيوخ: ولعله الصواب، وبه تكون المذكورات خمسة، قال الطيبيّ: فعلى هذا قوله: "وَالشِّنْظِيرُ" مرفوع فيكون عطفًا على "رجل"، كما سبق، وعلى تأويل الواو ينبغي أن يكون منصوبًا من تتمة الكذب، أو البخل؛ أي: البخيل السيئ


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٧٦.
(٢) "المفهم" ٧/ ١٦٧.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٠/ ٣١٨١.