و (الخطيب) في "تاريخ بغداد"(٨/ ٤٥٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٩/ ٦٠) وفي "شعب الإيمان"(٧/ ٤٥٧)، و (ابن عساكر) في "تاريخ دمشق"(٥٤/ ١٨٦)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان اهتمام النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في تعليم أمته ما لا يعلمونه، مما علّمه الله -عز وجل- بالوحي.
٢ - (ومنها): بيان أن ما يملكه الإنسان حلال لا يحرم منه شيء، كما كان الجاهليّة يعتقدون تحريم البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، فإن هذا مما افتروه من عند أنفسهم، كما بيّن الله -عز وجل- ذلك بقوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣)} [المائدة: ١٠٣].
٣ - (ومنها): بيان أن الله -سبحانه وتعالى- خلق عباده حنفاء، فاجتالتهم الشياطين، فأغوتهم، وأضلّتهم، وهذا معنى الحديث الآخر:"ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه، أو ينصّرانه، أو يمجّسانه، كما تُنتَج البهيمة بهيمةً جمعاءَ، هل تُحِسّون فيها من جدعاء. . ." الحديث متّفقٌ عليه.
٤ - (ومنها): بيان ما كان عليه أهل الجاهليّة قبل مبعث النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، من انحرافهم عن الدين، حتى مقتهم الله -عز وجل- إلا طائفة من أهل الكتاب استمرّوا على منهج أنبيائهم -عليهم السلام-.
٥ - (ومنها): بيان أنه لم ينقطع أهل الحقّ من الأرض خلال فترات الأنبياء، وإن قلّوا، كما قال الله -عز وجل-: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}[آل عمران: ١١٠]، وقال: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٥٩)} [الأعراف: ١٥٩].
٦ - (ومنها): أن بعثة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ابتلاء له، هل يقوم بالتبليغ، ويصبر على أذى قومه، وقد بلّغ، وصبر، وكذلك ابتلاء لقومه به، هل يؤمنون، أم لا؟.
٧ - (ومنها): بيان تيسير الله تعالى القرآن، وتسهيله على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وعلى أمته، كما قال تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)} [القمر: ١٧]، وهو محفوظ بحفظه تعالى، لا يضيع، ولا يغسله الماء، فقد