للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحق الذي يجب التمسك به، ولا ينبغي الالتفات إلى هذه الاحتمالات العقلية التي تخالف هذه الظواهر، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد. والله تعالى وليّ التوفيق.

(إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) اتحد فيه الشرط والجزاء لفظًا، ولا بدّ فيه من تقدير. قال التوربشتيّ -رحمه الله-: التقدير: إن كان من أهل الجنّة، فمقعده، من مقاعد أهل الجنة يُعرض عليه. وقال الطيبيّ -رحمه الله-: الشرط والجزاء إذا اتحدا لفظًا دلّ على الفخامة، والمراد: أنه يرى بعد البعث من كرامة الله تعالى ما يُنسيه هذا المقعد. انتهى. ووقع عند مسلم في الرواية التالية بلفظ: "إن كان من أهل الجنّة فالجنّة"؛ أي: فالمعروض الجنّة (١).

(وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ) التقدير فيه كالتقدير في سابقه، (يُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ") وفي الرواية التالية: "ثُمَّ يُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ الَّذِي تُبْعَثُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وفي رواية النسائيّ: "حتى يبعثك الله -عز وجل- يوم القيامة"، بكاف الخطاب.

وحَكَى ابن عبد البرّ فيه الاختلاف بين أصحاب مالك، وأن الأكثرين رووه كرواية البخاريّ -يعني: حتى يبعثك الله يوم القيامة- وأن ابن القاسم رواه كرواية مسلم، قال: والمعنى: حتى يبعثك الله إلى ذلك المقعد، ويَحْتَمِل أن يعود الضمير إلى الله، فإلى الله تُرجع الأمور، والأول أظهر. انتهى.

قال الحافظ: ويؤيده رواية الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، بلفظ: "ثم يقال: هذا مقعدك الذي تُبعث إليه يوم القيامة". أخرجه مسلم. وقد أخرج النسائيّ رواية ابن القاسم، لكن لفظه كلفظ البخاريّ. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- هذا مُتّفق عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "الفتح" ٣/ ٦١٣.
(٢) "الفتح" ٣/ ٦١٤.