للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سَتَكُونُ فِتَنٌ) في رواية المستملي: "فتنة" بالإفراد، والمراد: جميع الفتن، وقيل: هي الاختلاف الذي يكون بين أهل الإسلام بسبب افتراقهم على الإمام، ولا يكون الْمُحِقّ فيها معلومًا، بخلاف عليّ ومعاوية -رضي اللَّه عنهما- (١).

(الْقَاعِدُ فِيهَا)؛ أي: في زمنها عنها (خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ)؛ لأن القائم يَرَى، وب سمع ما لا يراه، ولا يسمعه القاعد، فهو أقرب إلى الفتنة منه.

وقال في "الفتح": قوله: "القاعد فيها خير من القائم" زاد الإسماعيليّ من طريق الحسن بن إسماعيل الكلبيّ، عن إبراهيم بن سعد بسنده فيه في أوله: "النائم فيها خير من اليقظان، واليقظان فيها خير من القاعد"، والحسن بن إسماعيل المذكور وثقه النسائيّ، وهو من شيوخه، وهذه الزيادة عند مسلم من رواية أبي داود الطيالسيّ، عن إبراهيم بن سعد، وكان أخرجه أولًا من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، كرواية محمد بن عبيد اللَّه شيخ البخاريّ فيه، فكأن إبراهيم بن سعد كان يذكره تامًّا وناقصًا.

ووقع في رواية خَرَشة بن الْحُرّ عند أحمد، وأبي يعلى، مثل هذه الزيادة.

ولهذه الزيادة شاهدٌ من حديث ابن مسعود عند أحمد، وأبي داود، بلفلظ: "النائم فيها خير من المضطجع" وهو المراد باليقظان، في الرواية المذكورة؛ لأنه قابله بالقاعد. انتهى (٢).

(وَالْقَائِمُ) بمكانه (فِيهَا)؛ أي: في تلك الحالة، (خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي) في أسبابها، (وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي) إليها؛ أي: الذي يسعى، ويعمل فيها، وفي حديث ابن مسعود: "والماشي فيها خير من الراكب، والراكب فيها خير من المُجري، قَتْلاها كلها في النار".

قال النوويّ: القصد بيان عِظَم خطرها، والحثّ على تجنبها، والهرب منها، وعن التسبب في شيء منها، وأن شرها يكون على حسب التعلق بها (٣).

وقال في "العمدة": معنى "القاعدُ خيرٌ من القائم": الذي لا يستشرفها،


(١) "عمدة القاري" ٢٤/ ١٩٠.
(٢) "الفتح" ١٦/ ٤٧٦ - ٤٧٧.
(٣) "فيض القدير" ٤/ ٩٨.