فالحمل عليه بعيد، وإن حمله بعض السلف، كما سلف آنفًا؛ لأن آية:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات: ٩] تردّه، فتأمل بالإمعان، واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: الحديث المشار إليه هو ما أخرجه أحمد في "مسنده" عن عمرو بن وابصة الأسديّ، عن أبيه، قال: إني بالكوفة في داري، إذ سمعت على باب الدار السلام عليكم، أألج؟ قلت: عليكم السلام فلِجْ، فلما دخل، فإذا هو عبد اللَّه بن مسعود، قلت: يا أبا عبد الرحمن أية ساعة زيارة هذه؟ وذلك في نحر الظهيرة، قال: طال علي النهار، فذكرت من أتحدث إليه، قال: فجعل يحدثني عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأحدثه، قال: ثم أنشأ يحدثني، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع، والمضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي خير من الراكب، والراكب خير من المجري، قَتْلاها كلها في النار"، قال: قلت: يا رسول اللَّه، ومتى ذلك؟ قال:"ذلك أيام الهرج" قلت: ومتى أيام الهرج؟ قال:"حين لا يأمن الرجل جليسه". قال: قلت: فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال:"اكفف نفسك، ويدك، وادخل دارك". قال: قلت: يا رسول اللَّه أرأيت إن دخل رجل على داري؟ قال:"فادخل بيتك". قال: قلت: أفرأيت إن دخل على بيتي؟ قال: فأدخل مسجدك، واصنع هكذا، وقبض بيمينه على الكوع، وقل: ربي اللَّه، حتى تموت على ذلك" (١)، واللَّه تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّلَ الكتاب قال:
(١) "مسند الإمام أحمد بن حنبل" ١/ ٤٤٨، قال الحافظ أبو بكر الهيثميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "مجمع الزوائد" ٧/ ٣٠٢: رواه أحمد بإسنادين، ورجال أحدهما ثقات. انتهى.